يجري الأصل في الشّك السّببي إنّما هو فيما إذا لم يكونا من الشّك في الموضوع والشّكّ في الحكم كالشّكّ في الطّهارة والحدث ، والشّك في طهارة الملاقي لأحد المشتبهين في الشّبهة المحصورة ، والشّك في طهارة الملاقي مطلقا مع فرض عدم جريان استصحاب الطّهارة والنّجاسة في الملاقى ـ بالفتح ـ إلى غير ذلك. وأمّا لو كانا من الشّكّ في الموضوع والحكم ـ حسب ما هو المفروض في المقام ـ فلا معنى لما ذكر كما لا يخفى.
ثمّ إنّ ما ذكره من أنّ الرّافع للرّطوبة رافع لأحكامها ممّا لا نعقله أيضا ؛ لأنّ ارتفاع الحكم إنّما هو من جهة ارتفاع موضوعه فليس رافع الموضوع رافعا لحكمه في عرضه ، بل إنّما هو من باب التّبعيّة ، فإذن لا يمكن أن يلاحظ نسبة الرّافع إلى الحكم ابتداء من دون نسبته إلى موضوعه.
فتبيّن ممّا ذكرناه : أنّ الحقّ افتراق القولين.
نعم ، لو قيل باعتبار الاستصحاب من باب الظّن لم يكن فرق بين التّفصيلين ، إلاّ أن يقال : إنّ التّفصيل بين الشّك في المقتضي والشّك في الرّافع على القول باعتبار الاستصحاب من باب الظّن الظّاهر أنّه غير موجود ؛ لأنّ التّفصيل المذكور إنّما نشأ من جهة لفظ النّقض الواقع في الأخبار الواردة في الباب ، لكنّه فاسد : من جهة ذهاب بعض الأصحاب كالمحقّق ومن تبعه إلى التّفصيل بينهما ، مع كون المستند في اعتبار الاستصحاب عندهم هو الظّن.
* * *