طالب لمقدّماته ، وكذا يحكم : بثبوت التّلازم بين الأمر بالشّيء وحرمة أضداده الخاصّة.
ومن المعلوم : أنّه لا يمكن التوصّل بهذا الحكم الكلّي إلى وجوب الوضوء مثلا إلاّ بعد إثبات وجوب الصّلاة وتوقّفها عليه ، فيقال ـ إذا أريد ترتيب القياس وأخذ النّتيجة ـ : أن الصّلاة الواجبة تتوقّف على الوضوء ، ومقدّمة الواجب واجبة عقلا ، فالوضوء واجب.
ومن هنا يعلم : أنّه لو كان الحاكم بالملازمة الشّرع في مسألة التّحسين والتّقبيح لم يصح عدّ الحكم المذكور من العقل المستقلّ ، فالمدار في الاستقلال على كون مجموع المقدّمتين في القياس عقليّا ، وفي عدمه على كون إحدى المقدّمتين غير عقلية.
ومن هنا يظهر : أنّه فيما يكون وجوب ذي المقدّمة بحكم العقل ، ومقدّميّة المقدّمة بحكم العقل أيضا كوجوب المعرفة المتوقّفة على النّظر فهو من العقل المستقلّ ، فالمدار على ما ذكرنا من المناط فتدبّر.
وهكذا الأمر في باب المفهوم ؛ فإنّ حكم العقل في موارده إنّما هو على الوجه الكلّي وهو : أنّ الارتباط بين الشّيئين إذا كان على وجه السّببيّة التّامة لزمها انتفاء التّالي من انتفاء المقدّم. وأمّا أنّ التّعليق بالشّرط ، أو الغاية ، أو الوصف مثلا يدلّ على الارتباط المذكور ، فلا دخل للعقل فيه ، لكنّه ممّا يتوقّف عليه أخذ النّتيجة.
إذا عرفت ذلك لم يبق لك ريب في كون الدّليل العقلي في المقام من العقل الغير المستقلّ ؛ فإنّ الّذي يحكم به العقل على الوجه الكلّي : كون الثّابت في السّابق