__________________
من مثل الملكية والزوجية والشرطية والمانعية إلى غير ذلك ، وتصير هذه الأمور باعتباره حقائق متأصّلة موجودة على حذو الأحكام التكليفية ، غاية ما في الباب أنّها حقائق اعتبارية ، لا من قبيل الجواهر والأعراض الخارجية ، ومن هذا الباب القوانين التي يجعلها السلاطين لاقامة نظام المملكة من جعل الأوزان الخاصّة والمكيال والميزان المخصوص والنقود الخاصة والسياسات المخصوصة والولايات إلى غير ذلك ، وكذا ما يجعله أرباب الصناعات لأهل صنعتهم من الاصطلاحات والآداب ، وكذا ما يجعله الواضعون للألفاظ في كل لغة لدلالة الألفاظ الخاصة على المعاني المخصوصة إلى غير ذلك ، فلا ريب أنّ ذلك كله أمور متحقّقة متأصّلة بعد الوضع والجعل حقيقتها على اعتبارها ، ويترتب عليها آثارها بالضرورة.
ويشهد بذلك ما ذكره المحققون من الأصوليين : من أنّ الأوامر التي يستفاد منها الجزئية والشرطية أوامر إرشادية ترشدنا إلى عدم حصول المأمور به بدونه جزءا أو قيدا ، وإلاّ فالأوامر المولويّة لا يترتّب على مخالفتها سوى العصيان واستحقاق العقاب لا الحكم ببطلان المركب والمشروط ، وكذا النواهي التي يستفاد منها الفساد نواه ارشادية كاشفة عن مانعية متعلقها لحصول المطلوب ، وإلاّ فالنواهي المولوية لا تدل على الفساد لعدم الملازمة بين التحريم والافساد ولذا يقول من يجوّز اجتماع الأمر والنهى بصحة صلاة من صلّى في الدار المغصوبة مع أنّه منهيّ عنها ، والقائل بالمنع أيضا لا يقول بالفساد من جهة دلالة النهي على مانعية الغصب للصلاة بل من جهة عدم امكان تعلق الأمر بما هو منهي عنه فعلا منجّزا ، وحيث لا أمر فلا موافقة فلا صحّة ، وربما التزم بعضهم بصحّتها على هذا القول أيضا.
والحاصل : أنّه لو لم يكن هناك وضع وكان مرجع الشرطية والجزئية والمانعية إلى الأمر المولوي والنهي المولوي كانت هذه الكلمات من قبيل الخرافات ، إذ يكون حينئذ كل أمر مولوي يصح أن ينتزع منه الجزئية والشرطية وكل نهي مولوي يصح أن ينتزع منه المانعية