__________________
الخارج على النّحو الّذي عرفت ، كما هو محلّ النّزاع وبين أن يكون الإنشاء بنفسه سببا وداعيا ، وهو لا يكاد أن ينكر في الجملة كما لا يخفى.
ثمّ لا يذهب عليك أنّه لا يتفاوت في ذلك أن يكون الجعل أصالة أو تبعا ، مع أنّه لا يصحّ ان ينتزع السّببيّة حقيقة للدّلوك مثلا عن خطاب إيجاب الصّلاة عنده ، كما يصحّ انتزاع الجزئيّة أو الشّرطيّة حقيقة لما أخذ فيها شطرا أو شرطا ، ضرورة عدم اتّصاف الدّلوك بها حقيقة ، كيف! وإلاّ يلزم تأخّر السّبب عن المسبّب. نعم يصحّ أن يقال انّه سبب مجازا استعارة أو مرسلا ، فتفطّن.
وأمّا عدم قبول شرطيّة شيء للمأمور به أو جزئيّته أو مانعيّته للجعل أصالة ، فلأنّ الشّيء ما لم يؤخذ على نحو خاصّ في متعلّق الأمر الخاص لا يتّصف بواحد منها ولو إنشاء له ، ويتّصف بواحد منها لو أخذ فيه بوجوده أو عدمه جزءا ولو إنشاء نفي جزئيّته أو شرطيّته. وبالجملة لا محالة يتّصف بها على تقدير الأخذ ولو إنشاء عدم الجزئيّة أو الشرطيّة له ، ولا يتّصف على الآخر ولو أنشأ له ألف مرّة.
ومن هنا انقدح وجه تطرّق الجعل إليهما تبعا ، وانّ ايجاب شيء مركّب خاصّ يوجب قهرا اتّصاف كلّ واحد من أجزائه بالجزئيّة للواجب وما به خصوصيّة من القيود بالشّرطيّة والمانعيّة ، ويكون إنشاء إيجابه إنشاء لها تبعا كما كان له أصالة.
وقد انقدح بما ذكرنا فساد إستدلال بعض الأعاظم على ما ذهب إليه من استقلال الوضع بالجعل بالدّلالة الحاصلة بالوضع ، وانّ السّببيّة ونحوها ليست إلاّ كالدّلالة الوضعيّة ، وتأثير الوضع والجعل بمجرّده فيها كما لا يخفى.
وأنت خبير بأنّ اللّفظ الموضوع ونحوه انّما يدلّ على معناه الموضوع له بمعنى حصول العلم بإرادته منه أو الظّنّ بمقدّمات : ( منها ) : العلم بوضعه له. ( ومنها ) : العلم بمتابعة المستعمل له في استعماله هذا أو الظّنّ. ( ومنها ) : العلم أو الظّنّ بأنّه قد استعمل فيه ليفهمه جدّا ، لا ليتقل عنه