نفس الأجزاء والشّرائط وغيرهما من الموجودات الخارجيّة الّتي لا ربط لها بجعل الشارع.
وكذا لا نزاع في اختلاف الحكم التّكليفي والوضعي مفهوما وعدم اتحادهما ؛ إذ هو ممّا لا يدّعيه جاهل فضلا عن عالم ، كيف؟ وتغايرهما مفهوما من البديهيّات الأوّليّة ، وإنّما النّزاع في أنّ الأحكام الوضعيّة هل هي مجعولة بالجعل الشّرعي كالأحكام التّكليفيّة سواء كان جعل كلّ من التّكليف والوضع بجعل مستقلّ أو بجعل واحد وعلى القول بجعل الأحكام الوضعيّة في قوله تعالى : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) أنشأ الشّارع وأوجد شيئين : أحدهما : وجوب الصّلاة عند الدّلوك ، ثانيهما : سببيّة الدّلوك لوجوب الصّلاة. وكذا في قوله للحائض : ( دعي الصّلاة أيّام أقرائك ) (١) أنشأ إنشاءين : أحدهما : حرمة الصّلاة حال الحيض ووجوب تركها. ثانيهما : مانعيّة الحيض عن وجوب الصّلاة ، وهكذا الأمر في سائر الأحكام الوضعيّة ـ أو أنّ المجعول بجعله هو نفس الحكم التّكليفي ليس إلاّ ـ وأمّا الحكم الوضعي فإنّما هو اعتبار يعتبره المعتبر بعد جعله للحكم الشّرعي على وجه خاصّ ، فالمنشأ بالإنشاء الشّرعي في قوله :
( أَقِمِ الصَّلاةَ ) الآية ، ليس إلاّ وجوب الصّلاة عند دلوك الشّمس إلاّ أنّ العقل ينتزع من هذا الطّلب المقيّد سببيّة الدّلوك لوجوب الصّلاة ، وكذا المنشأ في قوله : ( صلّ متطهّرا ) بالفرض ليس إلاّ وجوب الصّلاة مع الطّهارة ، إلاّ أنّ العقل ينتزع من
__________________
(١) الكافي الشريف : ج ٣ / ٨٥ باب « جامع في الحائض والمستحاضة » ـ ح ١ ، عنه التهذيب :ج ١ / ٣٨١ باب « الحيض والاستحاضة والنفاس » ـ ح ٦ ـ والوسائل : ج ٢ / ٢٧٦ باب « ما يعرف به دم الحيض من دم الاستحاضة » ـ ح ٤.