__________________
إختلاف الموضوع لا يجامع العيّنيّة والإتّحاد وانتزاع أحدهما من الآخر ؛ فإن اختلاف موضوعهما يستلزم اختلافهما ، فالموضوع للنجاسة مثلا هو الجسم ، والتكليف وهو وجوب الإجتناب إنّما يتعلّق بالفعل وهكذا الحال في سائر الأحكام الوضعيّة بالنسبة إلى التكاليف كما لا يخفى.
ومنه يظهر : انه لا معنى لكون الحكم الوضعي منجعلا بجعل التكليف وانه لا جعل له أصلا ؛ فإن الجعل في المقام لا تعني به إلاّ إفتقار الحكم في تحقّقه إلى إرادة الشارع وتصرّف منه. ولا إشكال أن كون الدلوك في المثال علّة للوجوب أو وقتا للواجب منوط باختياره ولا يتحقّق إلاّ بجعله ، ومجرّد إيجاب الصلاة لا يكفي في ذلك بالضّرورة ، والإستناد لهذا إلى ما ادّعاه : من ان السببيّة والمانعيّة اعتباران منتزعان كالمسبّبية والممنوعيّة لا محصّل له ؛ فإنّ السببيّة صفة في السبب يتوقّف حدوثها على جعل الشارع ، وأمّا المسبّبيّة فلا جعل لها وإنّما هي منتزعة من علّيّة العلّة ، وكذا المانعيّة ؛ فإنّ كون الحيض مانعا عن الصلاة وإشتراطها بالطهارة يتوقّف على جعل الشارع.
نعم ، ممنوعيّة الصّلاة ليس إلاّ أمرا منتزعا من مانعيّة الحيض لا يعقل انفكاكها عنها ولا معنى لجعلها ، ولا يخفى ما في هذا الكلام من الإضطراب ؛ فإن الذي يستفاد منه أوّلا : الإعتراف بتباين الوضع والتكليف ، وان الذي ينكره إنّما هو الإفتقار إلى الجعل ، والذي يظهر من آخر كلامه : إنّما هو رجوع الوضع إلى التكليف كرجوع المسبّبيّة والممنوعيّة إلى السببيّة والمانعيّة.
ثم إن كون نسبة الوضع إلى التكليف من هذا القبيل بديهي الفساد ؛ حيث إن وجوب الصّلاة لا يعقل ان ينتزع منه سببيّة الوقت له ؛ فإنّ الإنتزاع إنّما هو لوجود الجمع وكون احد الأمرين طرفا للعلقة كالأبوّة والبنوّة المتنزعين من العلقة والمعلول لكونه أحد طرفي النسبة فينتزع له المعلوليّة والسببيّة قائمة بالدلوك والوجوب بالصّلاة ولا معنى للإنتزاع ورجوع أحدهما إلى