وإن كان الظّاهر من تعريفه الآخر : بأنّه العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الفرعيّة عن أدلّتها » هو الوجه الأوّل ، كما استظهره شيخنا قدسسره منه.
نظرا إلى كون الغرض الأصلي من عنوان مسائل حجيّة الأدلّة وإثبات حجيّتها وتمهيدها استنباط الأحكام الفرعيّة بمعونتها عن الأدلّة ، وإن كان الاستظهار لا يخلو عن نظر فإن ذكر « عن أدلّتها » بما يمنع الظّهور المذكور.
نعم ، قد أسمعناك في الجزء الأوّل من التّعليقة عند التكلّم في حجيّة أخبار الآحاد ونقل الإجماع : أنّ مرجع البحث في المسألتين إلى أنّ السّنة والإجماع بعد الفراغ عن حجيّتهما هل يثبتان بواسطة النّقل الواحد كما يثبتان بالنّقل المتواتر والنقل الواحد المحفوف أم لا؟
ضرورة أنّ البحث فيهما ليس بحثا عن حجيّة السّنة والإجماع المحقّق ، وهذا البحث كما ترى ، يرجع إلى البحث عن عوارض الأدلّة بعد الفراغ عن دليليّتها فيدخل في مسائل العلم على كلّ تقدير وقول.
وهذا بخلاف البحث عن حجيّة حكم العقل في المقام ؛ فإنّ دخوله في البحث عن مسائل العلم مبنيّ على الوجه الأوّل لا محالة. ومجرّد عنوانه في العلم لا يدلّ على كونه من مسائله بعد ما نشاهد كثيرا من عنوان المباديء التّصوريّة والتّصديقيّة في نفس العلم في علم الأصول وغيره من العلوم. ومن هنا عنون القدماء كثيرا ممّا دوّن في طيّ مسائل العلم في طيّ عنوان المباديء اللغويّة والأحكاميّة. هذا فيما لو كان التّكلّم في المسألة في الكبرى بعد مسلّميّة حكم العقل الظّني كما يظهر من بعضهم.
وأمّا لو كان البحث في المسألة عن الصّغرى بعد مفروغيّة حجيّة حكم العقل