__________________
والفاضل لا ينكر الرّجوع إلى الأصلين في مواردهما وإنّما غرضه الإستغناء عن التعويل على الوجود السابق في المقام.
وما حكم به الأستاذ قدسسره من الرّجوع إلى الإستصحاب لا معنى له ؛ فإن الإستصحاب بمعنى مجرّد التعويل على الوجود السابق من حيث هو كذلك لا حاجة اليه في المقام ؛ فإنه من قبيل استصحاب وجوب الصيام إذا احتمل فيما بعد المغرب إستنادا إلى وجوبه في النّهار مع انّ كلّ ما يذكره في أوّل كلامه من الإنكار للمتنازع فيه إنّما هو مع قطع النظر عن الأخبار وإلاّ فهو إلتزم في آخر كلامه بالإستصحاب المتنازع فيه ؛ نظرا إلى الأخبار ، مع أن استصحاب النّهار ليس من قبيل المتنازع فيه ، بل إنّما هو من موارد القاعدة الشريفة على ما سيتّضح إن شاء الله تعالى في التنبيهات.
واستصحاب نفس الحكم مع الشك في الموضوع وعدم إحرازه بديهيّ الفساد ، وبما حقّقناه يندفع الإعتراض عليه بالنّقض بالشك في النّسخ ؛ فإن الشك في الرّافع لا حاجة فيه إلى التعويل على الحالة السابقة ، بل إنّما هو مجرى القاعدة الشريفة.
نعم ، صعب على جماعة تعقّل كون النسخ رفعا في الأحكام الشرعيّة ؛ حيث انّه يستلزم الجهل فهو إنتهاء الأمد ، فالنّسخ إظهار للغاية المجهولة ، ولكنّه توهّم فاسد ؛ فإنّه لا يصحّ إطلاق الرفع والنّسخ على الإخبار بالغاية الثابتة من أوّل الأمر لعدم العلاقة المصحّحة ولا داعي إلى هذا التكليف الشنيع ؛ فإن الحكم الشرعي ممّا إذا ثبت دام ولا يزول إلاّ بمزيل ، فالحكيم عالم بانّه سيرفعه لما يراه من المصالح ، كما انّ البائع قد يعلم بانّه سيفسخ البيع ولا ينافي هذا عدم كون البيع من أوّل الأمر موقّتا ؛ فإنّ البيع الموقّت غير معقول ، مع انه قد يشترط لنفسه الخيار للمتمكّن من الفسخ الذي يريده جزما ، وهل يخفى على أحد ان النّكاح مع الجزم بالطلاق ليس تمتعا وانّه فرق بين البناء على الطلاق والعلم بتحقّقه منه وبين التمتّع ، فأي منافاة بين إيجاب الشيء من غير أن يقيّده بوقت وبين العلم برفعه بعد حين؟