عدمت فلا يعقل الشّك في عدمه كما هو واضح ، وإن شكّ في الوجود والعدم فيرجع الشّك إلى الشّك في بقاء الموضوع ، أو لا يعلم الحال في كيفيّة جعل الشّارع فيحتمل أخذه لما هو مفروض الانتفاء في الزّمان الثّاني وعدمه فيرجع الشّك في بقاء الحكم أيضا إلى الشّك في بقاء الموضوع لا محالة ، وإن فرض وجود ما يحتمل أخذه في الزّمان الثّاني فلا معنى للشّك في بقاء الحكم فيه ، حسب ما عرفت : من أنّه مع القطع ببقاء ما هو الموضوع الحقيقي في الحكم لا يعقل الشّك في بقائه ، بل لا بدّ من أن يحصل القطع به كما لا يخفى.
فتحصل ممّا ذكرنا كلّه : أنّ الشّك في الحكم الشّرعي الّذي موضوعه فعل المكلّف سواء فرض تكليفيّا بجميع أقسامه ، أو وضعيّا كما في بعضه في الزّمان الثّاني ، لا يمكن إلاّ من جهة الشّك في بقاء موضوعه ، خصوصا على مذهب العدليّة ، من الإماميّة والمعتزلة القائلين بتبعيّة الأحكام للحكم والمصالح في الأشياء ؛ فإنّ الموضوع الأوّلي عندهم أمر وحداني اعتبرت الخصوصيّات في القضيّة الشّرعيّة من جهة كونها مقدّمة لحصوله حتّى الزّمان.
ومنه يظهر اندفاع ما يتوهّم : من أنّه قد يفرض الشّك في بقاء الحكم الشّرعي مع القطع ببقاء ما هو الموضوع له بأن يقال : إنّ التّبريد مطلوب في زمان الصّيف ، فإذا شكّ في الشّتاء في مطلوبيّة التّبريد لم يكن من الشّك في بقاء الموضوع ؛ لأنّ الزّمان لم يجعل قيدا للموضوع والمطلوب ، بل جعل قيدا للطّلب.
توضيح الاندفاع : أنّ قيود الطّلب لا بدّ وأن يرجع إلى قيود المطلوب ؛ ضرورة أنّ الطّالب لا يأخذ شيئا في طلبه وحكمه إلاّ مع مدخليّته في حصول مطلوبه ، وإلاّ لزم اللغويّة والعبث كما لا يخفى.