أقول : لا يخفى أنّ إجراء الاستصحاب بالنّسبة إلى نفس وجوب التّمام ووجوب العبادة إنّما هو مبنيّ على ما وقع عن جماعة : من الجمع بين الاستصحاب في الشّك السّببي والشّك المسبّبي ، وإلاّ فعند التّحقيق لا مجرى لاستصحاب الحكم في المثالين ، بل لا بدّ من إجراء الأصل بالنّسبة إلى عدم السّفر الشّرعي والحيض بناء على كون ترتّب التّمام ووجوب العبادة عليهما بلا واسطة ، كما هو قضيّة كلام الأستاذ العلاّمة وإن نوقش فيه.
__________________
المقتضي للثبوت ، بل ليس الإستصحاب في جميع الأبواب إلاّ بعد العلم بوجود المقتضي ، فالإستصحاب في المثالين ليس الاّ عبارة عن أصالة عدم السفر والحيض ؛ فإنّ اصالة عدمهما ليس إلاّ ان مقتضي القاعدة عدم الإعتداد بهما وتنزيلهما منزلة العدم ، وكيف يتوهّم : انه لو لا ثبوت الحكم عند الزّوال لم يكن سبيل إلى البناء على ثبوته مع الشك في الحيض والسفر ، وهل هما إلاّ كالشك في الحدث المقارن للوضوء والغسل المانع عن تأثيرهما؟
والحاصل : انه لا إشكال في حكم الأصحاب بالإتمام وتنجّز التكليف مع الشك في السفر والحيض وإن لم يتكرّر التكليف بالنسبة إلى الشخص قبل هذا الشك كما إذا كان أوّل بلوغه ، وتكرّره بالنسبة إلى غيره لا يوجب دوامه بالنسبة إلى من لم يحدث بالنسبة إليه تكليف ، وهل الشك في المقامين إلاّ كغيرهما من سائر الموانع؟
وكون التكليف في كلّ يوم مسبوقا بالعدم لا ينافي الإستصحاب ؛ فإنّه لا يختصّ به الشك في الرّافع ، بل يعم الشك في الدّفع ولا يتخيّل العرف أنّ الحكم بالنسبة إلى الحائض والمسافر يرتفع بعد الثبوت بالضرورة.
وأمّا الشك في النسخ فقد عرفت انه أيضا شك في الدفع فتفطّن » إنتهى.
أنظر محجّة العلماء : ٢ / ٢١٣.