ففيه : أنّ هذا إنّما يستقيم لو كان غير الإجماع من القسم الثّالث لا ما إذا كان من القسم الرّابع ؛ فإنّك قد عرفت : عدم اختصاصه بالإجماع ، مع أنّ هذا المقدار من الفرق لا جدوى فيه في الحكم بالتّفصيل كما لا يخفى.
فالأولى في تحقيق مراد الغزالي ما عرفت : من عدم إرادته للتّفصيل في حجّيّة الاستصحاب بين حال الإجماع وغيرها من القسمين المتقدّمين ، بل مراده من الكلام المذكور بعد وضوحه كونه منكرا مطلقا هو التّفصيل بين الإجماع وغيره من حيث إمكان دلالة الثّاني على ثبوت الحكم في محلّ الخلاف ، بخلاف الأوّل.
فمراده من نفي الاستصحاب في حال الإجماع هو نفيه فيما يكون غير دالّ على ثبوت الحكم في الزّمان الثّاني ، سواء كان هو الإجماع ، أو غيره : من اللّفظ واللّب ؛ فإنّه قد يطلق على جميعها حال الإجماع حسب ما عرفت هذا.
مع أنّ هنا كلاما ذكره الأستاذ العلاّمة في طيّ كلامه في مجلس البحث يقضي بكون جميع الاستصحابات في مورد الخلاف من استصحاب حال الإجماع ، وهو : أنّ الخلاف إذا كان في الثّبوت الثّانوي للشّيء فلا بدّ أن يكون ثبوته الأوّلي مفروغا عنه ومجمعا عليه ، وإلاّ لزم النّزاع بالنّسبة إليه ؛ لأنّه أصل بالنّسبة إلى الوجود في الزّمان الثّاني كما هو واضح.
فالخلاف في الوجود في الزّمان الثّاني دائما يقتضي الاتفاق عليه في الزّمان الأوّل وإن فرض وجود دليل آخر عليه أيضا ، كما في مسألة الخارج عن غير السّبيلين ؛ فإنّ الدّليل على حصول الطّهارة بالوضوء والغسل قبل خروجه ليس هو خصوص الإجماع ، بل الكتاب والسّنة أيضا تدلاّن عليه ، بل الإجماع إنّما