الواردة في الباب دليلا على الدليل (١) ، نظير خبر الواحد ؛ حيث إنّه دليل على الحكم في مورده وآية النّبأ أو غيرها : من أدلّة اعتباره دليل على الدّليل ، كما حكاه شيخنا قدسسره عنه في « الكتاب » ؛ حيث إنّه بظاهره محلّ مناقشة جزما.
فإنّك قد عرفت : أنّ حقيقة الاستصحاب على الأخبار هو عين مفاد الأخبار النّاهية عن نقض اليقين بغير اليقين ، فليس هنا استصحاب مع قطع النّظر عن الأخبار حتّى تجعل دليلا عليه ، كخبر الواحد بالنّسبة إلى آية النّبأ مثلا ؛ فإنّ هناك أمورا : المسألة الفقهيّة الّتي ورد فيها الخبر ، ونفس الخبر ، وآية النّبأ. وأمّا في المقام فليس فيه إلاّ المسألة الفقهيّة التي تتكفّل لبيان حكمها ـ في مرحلة الظّاهر ـ الأخبار الواردة فيه ، فطهارة من خرج عنه المذي مثلا حكم شرعيّ هو مدلول قوله : ( لا تنقض اليقين بالشّك ) وليس هنا استصحاب غير هذا المدلول.
فما أفاده بظاهره غير مستقيم جدّا ، اللهم إلاّ أن يوجّه : بتنزيل الأخبار على إرادة بيان اعتبار الظّن الاستصحابي وهو في غاية البعد من كلامه هذا. وسيجيء تتمّة الكلام فيما أفاده في تنبيهات الاستصحاب عند تعرّض شيخنا الأستاذ العلاّمة قدسسره له.
هذا بعض الكلام في القسم الأوّل وهو : الاستصحاب الجاري في الحكم الفرعي.
وأمّا القسم الثاني : وهو الاستصحاب الجاري في الحكم الأصولي كما ينفي
__________________
(١) فوائد السيّد بحر العلوم : ١١٦ ـ ١١٧.