ما يقتضي الغسل أو الوضوء ممّا لا إشكال فيه ، وأمّا لو كان الدّوران في الخارج بين ما يقتضي الوضوء أو هو مع الغسل ، كما في المردّد بين البول ودم الاستحاضة ، فقد يقال : إنّ هذا النّحو من العلم الإجمالي لا أثر له : من جهة أنّ الأصل بالنّسبة إلى وجوب الغسل سليم عن المعارض ؛ لفرض تيقّن وجوب الوضوء على كلّ تقدير.
لكنّ التّحقيق أن يقال : إنّه لو أريد الحكم بالوجوب من جهة أصالة الاشتغال فالحقّ ما ذكر إن لم نقل بأنّ مقتضى قوله عليهالسلام : ( لا صلاة إلاّ بطهور ) (١) هو وجوب تحصيل الطّهور المشكوك بفعل الوضوء ، فيجب من باب المقدّمة الجمع فتدبّر.
وإن أريد من جهة استصحاب الحدث كما هو المفروض في محلّ البحث فلا ؛ لأن الاستصحاب وارد على أصالة البراءة بالنّسبة إلى الأكثر كما لا يخفى.
وقد تقدّم مجمل هذا الكلام عند التّكلّم في كلام المحقّق الخونساري ، وعليك بضبط هذا وحفظه حتّى تكون على بصيرة من الأمر في دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر. وإنّ قولنا بالرّجوع إلى البراءة فيه إنّما هو فيما إذا لم يكن هناك استصحاب يقضي بوجوب الإتيان بالأكثر.
ولكن يمكن أن يقال : بأنّ المقام من قبيل ما لو شكّ في خروج المني مع البول ؛ فإنّه يرجع إلى استصحاب الطّهارة من الحدث الأكبر ، لا إلى استصحاب الحدث بعد الوضوء ؛ لكون انتقاض الطّهارة بالحدث الأصغر في المثال بعنوان
__________________
(١) المحاسن : ج ١ / ٧٨ ، الفقيه : ج ١ / ٥٨ ـ ح ١٢٩ ، والإستبصار : ج ١ / ٥٥ باب « وجوب الإستنجاء من الغائط والبول » ـ ح ١٥ ، والتهذيب : ج ١ / ٤٩ باب « آداب الاحداث الموجبة للطهارة » ـ ح ٨٣ ونقله عنه الوسائل : ج ١ / ٣١٥ باب « وجوب الإستنجاء وازالة النجاسات للصلاة » ـ ح ١.