أقوال. والفرق بينهما لا يكاد أن يخفى.
ظاهر كلمات الأكثر كما استظهره شيخنا قدسسره هو الوجه الأوّل فمرادهم من قولهم : ( ما ثبت دام ) (١) هو الدّوام الظّني بحسب نوع الثّابت لو خلّي ونفسه ، مع قطع النّظر عن العوارض والمزاحمات. ويدلّ عليه كما في « الكتاب » حكمهم بمقتضيات الأصول المثبتة والنّافية من أوّل الفقه إلى آخره من دون الاشتراط بشيء من إفادتها الظّن في أشخاص الموارد ، وعدم قيام الظّن على الخلاف. ولا ينافي ذلك عنوانهم تقديم الأصل على الظّاهر ، واختلافهم في موارده ؛ فإنّ مبنى ذلك ليس على ما ينافي ما استظهرناه من كلماتهم ، بل على اعتبار الظّاهر وحجيّته.
وإن كنت في ريب ممّا ذكرنا فراجع كتاب « التّمهيد » لشيخنا الشّهيد الثّاني قدسسره : فإنّه ذكر : أنّه قد يقدّم الظّاهر على الأصل بلا إشكال ، وقد يقدّم الأصل على الظّاهر بلا إشكال ، وقد يشكل الأمر. ومثّل لكلّ من الأقسام الثّلاثة بأمثلة والجامع بين أمثلة القسم الأوّل : ما كان الظّاهر فيها معتبرا وحجّة من دون تأمّل. والجامع بين أمثلة القسم الثّاني ما كان الظّاهر فيها غير معتبر كذلك. والجامع بين أمثلة القسم الثّالث الّذي فيه الإشكال والخلاف : ما اختلف فيه في اعتبار الظّاهر واستشكل الأمر فيه ، فالإشكال في التّقديم إنّما هو من جهة الإشكال في اعتباره لا من جهة الإشكال في اعتبار الأصل مع الظّن على الخلاف ولو لم يكن معتبرا ،
__________________
(١) انظر مدارك الأحكام : ج ١ / ٤٦ ، وفرائد الأصول : ج ٣ / ١٥٣ وفيه : « الأصل ان ما ثبت دام إلى وجود القاطع ».