إذا عرفت ذلك فنقول : إنّه لا إشكال في أنّ الّذي تعلّق به اليقين في السّابق هو وجود الكلّي في ضمن أحد الفردين بخصوصه ، فإذا قطع بانعدام الفرد فيقطع بارتفاع هذا الوجود للكلّي لما عرفت : من قضيّة الاتّحاد ، وما يشكّ فيه هو وجود الطّبيعة في ضمن فرد آخر ، وهذا المشكوك غير ذلك المتيقّن ؛ لما عرفت من تغاير وجودات الكلّي بتعدّد الأشخاص والحصص ، فلا بدّ أن يرجع مع هذا الشّك إلى الاستصحاب العدمي ، والمفروض أنّ الحكم المتعلّق بالكلّي باعتبار الوجود إنّما تعلّق به باعتبار شخص الوجود فإذن لا متيقّن سابقا حتّى يستصحب ، مع أنّه لو قيل بتعلّق الحكم بالطّبيعة من حيث هي هي ، أو بها باعتبار مفهوم الوجود لم يعقل طروّ الشّك لاستحالة انعدام المفهوم حسب ما عرفت سابقا ، فيتعيّن حينئذ الرّجوع إلى استصحاب عدم الكلّي.
فتبيّن من جميع ما ذكرنا : أنّ الحقّ عدم جريان الاستصحاب في جميع الأقسام وفساد القول بجريان الاستصحاب مطلقا ، وكذلك القول بالتّفصيل كما اختاره ( دام ظلّه ) ؛ لأنّه إن لاحظ في القسم الأوّل وجود النّوع مع الغضّ عن جهة الوحدة ؛ نظرا إلى بقاء الكلّي ببقاء الحصص فذلك جار بعينه في القسمين الأخيرين أيضا ، وإن لوحظ فيهما وجوده الشّخصي من حيث الوحدة فذلك جار بعينه في الأوّل أيضا.
ثمّ إنّ هذا الّذي ذكرنا كلّه إنّما هو على القول باعتبار الاستصحاب من باب الدّقة العقليّة ، وأمّا على القول باعتباره من باب المسامحة العرفيّة ، فقد يستشكل في الحكم بمساعدة العرف بالحكم بالبقاء في جميع صور القسم الأوّل أيضا فتأمّل.