خروج الرّوح فلا يكون له حالة سابقة ، مع أنّه معارض بالمثل ؛ فإنّه كما يقال : الأصل عدم كون خروج روح هذا الغنم بطريق التّذكية ، كذلك يقال : الأصل عدم خروج روحه بغير طريق التّذكية.
قلت : أوّلا : لا يشترط في الاستصحاب ترتّب الحكم الّذي أراد منه المستصحب في الزّمان السّابق ، بل يكفي ترتّبه عليه ولو في الزّمان اللاّحق حسب ما ستقف على تفصيل القول فيه في الاستصحاب التّعليقي.
وثانيا : أنّ الحكم بعدم تحقّق الحالة السّابقة على التّقدير الثّاني ممّا لا معنى له ؛ فإنّ العدم الأزلي مستمرّ دائما ، إلاّ إذا فرض قطعه بالوجود في زمان.
وثالثا : أنّ المعارضة الّتي ذكرتها على التّقدير الثّاني ممّا لا معنى لها ؛ لعدم ترتّب الأثر الشّرعي على الأصل المعارض ، وما يترتب عليه أثر لا يمكن إثباته بالأصل ؛ لأنه بأصالة عدم خروج الرّوح بغير التّذكية لا يمكن إثبات كونه بطريق التّذكية ، وإلاّ فيلزم التّعويل على الأصل المثبت ، وما لم يثبت ذلك لم يترتّب عليه أثر كما لا يخفى.
وهذا بخلاف أصالة عدم كون خروج الرّوح عن المشكوك بطريق التّذكية فإنّه لا يريد بها إثبات موضوع آخر ؛ لأنّ الحكم الشّرعي مترتّب على نفس كونه غير مذكّى ، وهذا أصل يجري في كلّ ما قطع بحدوث شيء وشكّ في الحادث.
نعم ، لو ترتّب الأثر الشّرعي على كلّ من مجرى الأصلين على وجه يفضي إلى التّعارض أو لم يترتّب عليهما أثر أصلا كان الحكم عدم اعتبار الأصلين هذا. وقد عرفت الإشارة إلى ذلك سابقا وستقف على تفصيل القول فيه إن شاء الله تعالى بعد هذا.