فإن قلت : ما ذكرته إنّما يصحّ على تقدير إجراء الأصل في نفس عدم التّذكية ، وأمّا لو أجري في شرط من شروطها مشكوك وجوده ـ كما يظهر من الأستاذ العلاّمة في « الكتاب » ـ فلا ؛ لأنّ استلزام عدم الشّرط عدم المشروط عقليّ لا يمكن إثباته بالأصل.
قلت : ما ذكره الأستاذ العلاّمة ( دام ظلّه ) مبنيّ على ما بنى عليه الأمر في الجزء الثّاني من « الكتاب » وغيره : من أنّ عدم الشّرط عين عدم المشروط وعدم الجزء عين عدم الكلّ ، وإن كان الحقّ فيه التّفصيل بالنّظر إلى ملاحظة الذّات والوصف. والحاصل : أن هذه الإيرادات غير واردة على المشهور قطعا ، فالإشكال في المسألة من جهتها ممّا لا ينبغي لأحد.
نعم ، هنا شيء لم يتعرّض له الأستاذ العلاّمة في « الكتاب » ولا في مجلس البحث قد ينتصر به للقائل بعدم اعتبار الاستصحاب المذكور من جهة المعارضة وهو :
أنّ التّفصيل الّذي ذكرنا في مسألة الشّك في الحادث إنّما يستقيم على القول بعدم اعتبار الأصول المثبتة حسب ما هو قضيّة التّحقيق ، وأمّا على القول باعتبارها كما عليه المشهور : من جهة ذهابهم إلى كون اعتبار الاستصحاب من باب الظّن ـ كما عن الأكثرين ـ أو من باب التّعبّد مع عدم الفرق بين الأصول المثبتة وغيرها ـ كما عن جماعة ممّن تأخّر ـ فلا وجه للتّفصيل المذكور ، بل يجوز إجراء الأصل في المقام وأمثاله من كلّ من الطّرفين.
فكما يقال : الأصل عدم كون خروج الرّوح بطريق الموت حتف الأنف ، فيثبت كون المشكوك وقع عليه التّذكية ، إذ لا يلزم عليه شيء إلاّ كونه من الأصول