المثبتة ، والمفروض الالتزام باعتبارها.
والحاصل : أنّ ترتّب الأحكام في الشّريعة على التّذكية وعدمها لا يمنع من المعارضة الّتي ذكرها المانع على القول باعتبار الأصول المثبتة ، ولم يظهر لي ما يدفع هذا الإشكال على هذا التّقدير.
نعم ، بناء على القول : بأنّ الميتة عبارة عن غير المذكّى ـ كما ستقف عليه في الوجه الثّاني ـ لم يكن معنى للمعارضة المذكورة كما لا يخفى.
وأمّا ما يقال : من أنّه إذا بني على أنّ الموت عبارة عن خصوص خروج الرّوح عن الأنف ـ كما هو ظاهر كلام المانع ـ يوجد هنا واسطة بين المذكّى والميتة ، فبأصالة عدم الموت لا يمكن إثبات التّذكية ؛ ضرورة أنّ نفي أحد الضّدين إنّما يستلزم ثبوت ضدّ الآخر فيما لم يكن لهما ثالث.
فمدفوع : بأنّ للمانع أن يتمسّك حينئذ بنفي جميع الأضداد بالأصل فيثبت التّذكية ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّه غير مطلب المانع ؛ فإنّ الظّاهر من كلامه المعارضة بين أصالة عدم الموت والتّذكية لا بين أصالة جميع الأضداد وأصالة عدم التّذكية.
ولكن يدفعه : أنّ ما ذكرنا من جانب المانع لم يكن مستفادا من كلامه ، بل ظاهر كلامه خلافه ؛ حيث إنّه ظاهر في كون الحرمة والنّجاسة من أحكام الميتة ، وإنّما هو كلام ذكرناه من قبله على تقدير غير مسلّم عنده ، فلا مانع من أن يلتزم على هذا التّقدير بما ذكرنا من إجراء الأصل في جميع الأضداد فتدبّر ، مع احتمال كون مراده من الموت حتف الأنف كلّ خروج روح لم يكن بعنوان التّذكية ، فتأمّل.
قال الفاضل التّوني رحمهالله في ذيل كلامه المحكي :
« واستدلّ بعض آخر على النّجاسة : بأنّ للذّبح أسبابا حادثة ، والأصل عدم الحادث ، فيكون نجسا ، وقد عرفت أيضا : أنّ أصالة العدم مشروطة بشروط ، منها :