__________________
يرجعان إلى اعتبار أمور في جريان الاستصحاب :
أحدها : حصول اليقين بالوجود السّابق مثلا حين عروض الشّك سواء كان اليقين حاصلا حين الوجود أيضا أم لا ، فلا فرق في جريان الاستصحاب بينما لو علم في الأمس بوجود شيء وشكّ اليوم في بقائه ، وبينما لو علم اليوم بوجوده في الأمس وشك في زمان اليقين أيضا في بقائه إلى حينه ، ومن هنا يخرج ما لو علم بوجود شيء في زمان ثم شكّ في وجوده في ذلك الزمان بأن شك في كون يقينه السّابق جهلا مركّبا أو موافقا للواقع وهو المسمّى بالشكّ السّاري ؛ لعدم جريان الاستصحاب فيه وإن زعم بعضهم عموم أخبار عدم جواز نقض اليقين بالشكّ له أيضا وسيأتي الكلام فيه.
قال كاشف الغطاء ـ بعد كلام له في الإستصحاب ـ : ( ولو لم يبق علمه باليقين السّابق مع علمه بأنه كان عالما فلا يخلو : إمّا أن ينسى طريق علمه السّابق ، أو يتردّد فيه ، أو يعلم عدم قابليّته ، والأقوى جريان الإستصحاب في القسمين الأولين ، وأمّا ما وقع منه من العمل فيحكم بصحّته ما لم يعلم بعدم مقتضى علمه ) إنتهى.
وثانيها : أن يكون الشكّ لا حقا باليقين بمعنى تقدّم المتيقن على المشكوك ، وإلاّ فقد عرفت : عدم اعتبار تقدم وصف اليقين في ماهية الإستصحاب ، وإنّما قيدنا بذلك احترازا عن الإستصحاب القهقرائي وهو : ما كان فيه المشكوك فيه سابقا على المتيقّن على عكس الاستصحاب المتعارف ، فينسحب فيه المتيقّن اللاّحق إلى زمان المشكوك فيه السّابق ، كما فى موارد أصالة عدم النقل ، وقد اشتهرت تسميته بما ذكرناه في لسان الوحيد البهبهاني ، وتلميذه صاحب الرّياض ـ وسيشير إليه المصنّف رحمهالله في التنبيهات ـ فإذا ثبت كون لفظ حقيقة في عرفنا وشك في كونه كذلك في عرف الشارع أو اللغة أيضا يقال : إنّ مقتضى الاستصحاب القهقرائي أن يكون كذلك في عرف الشارع أو اللغة أيضا.
والظاهر أنّ استنادهما في إثبات الحقيقة الشرعية أو اللغوية ليس إلى مثل هذا الإستصحاب