__________________
وأمّا إذا علم ذلك مفصّلا فلا اعتداد بمسامحة أهل العرف بحمل الحكم على الموضوع المعرّى عن هذا العنوان بل العرف أيضا لا يسامحون بعد اطّلاعهم على أنّ الوصف الزّائل ممّا أخذ عنوانا للموضوع فتأمّل.
إن قلت : سلّمنا أنّ عنوان الموضوع في الأحكام العقليّة ما هو مناط الحكم إلاّ أنّ لنا أن نقول في المثال السّابق مثلا قبل أن يعرض الشكّ في حكمه أنّ هذا الصّدق مضرّ وكلّ مضرّ قبيح فهذا الصّدق قبيح وكلّ قبيح حرام فينتج أنّ هذا الصّدق حرام ومن المعلوم أنّ الموضوع في النتيجة هو ذات الصّدق بعنوان كونه صدقا لا بعنوان آخر.
قلت : هذه مغالطة صرفة لا يخفى وجهه على المتأمّل وكيف لا! وإلاّ لجرى هذا القياس في جميع المصاديق المندرجة تحت المفاهيم الكلّية الّتي لها أحكام شرعيّة فتقول مثلا : هذا الجسم كلب وكلّ كلب نجس فهذا الجسم نجس ثمّ نستصحب النّجاسة بعد انقلابه ملحا ؛ لأنّ الموضوع باق على هذا الفرض وهو بديهيّ الفساد ؛ ضرورة أنّ الوسط واسطة في الثّبوت فلا يجوز إلغاؤه » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ٣١٩ ـ ٣٢٣.
* وقال السيّد المحقق اليزدي قدسسره :
« سيأتي تحقيق هذه الدقيقة من المصنّف في التنبيهات ببيان أبسط وقد أشار إليها أيضا في غير موضع من فقهه وأصوله.
وكيف كان : قد يراد استصحاب حكم العقل بمعنى استصحاب نفس حكم العقل بالحكم وإذعانه به عند الشك في ثبوت الحكم واقعا كما اذا حكم العقل بحسن ردّ الوديعة ووجوبه في الزمان الأوّل ثم شك في حسنه واقعا بسبب كون ردّها مظنّة لمفسدة كذائيّة مثلا ، فيستصحب حكمه وإذعانه بالحسن.
وقد يراد استصحاب حكم العقل بمعنى استصحاب الحسن الواقعي الذي أذعن به العقل في الزمان الأوّل ثم شك في بقاءه واقعا فيحكم ببقاء الحسن واقعا بالإستصحاب.