جعل المراد من الإخلاص : هو تنزيه العمل من الرّياء ونحوها ، وجعل الدّين عبارة عن القصد.
وأمّا تقريب الاستدلال بها على المطلب الأوّل فيكون من وجهين :
أحدهما : استظهار ذلك من لفظ الخلوص من باب المطابقة ، أو من باب الأولويّة ودلالة الأخص على الأعمّ بعد جعل « اللّام » للغاية ، فتدلّ على ثبوت الملازمة في الشّريعة السّابقة بين وجوب شيء واشتراط قصد القربة في صحّته ، فيستصحب هذه الملازمة ويحكم ببقائها في شريعتنا أيضا حسب ما هو المحكيّ في وجه الاستدلال.
ثانيهما : استظهاره من لفظ نفس العبادة مع قطع النّظر عن قوله : مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ* (١) بناء على عدم تحقّقها بدون التّقريب ؛ حيث إنّ الإتيان المأمور به على قسمين :
أحدهما : ما يقتضي مجرّد رفع العقاب كالإسقاط الّذي ليس من إتيان المأمور به في شيء لكن لا يحصل به الغرض من المأمور به ، فيقتضي سقوطه ورفع العقاب عن تركه حيث علم أنّ المقصود أعمّ من المطلوب ، وهذا ليس من الإطاعة والامتثال في شيء ، وليس المكلّف مستحقّا للثّواب في شيء ، وهذا المعنى لا يحتاج إلى قصد القربة أصلا ، بل يكفي مجرّد إتيان المأمور به بأيّ وجه اتّفق ، وهو لا يتحقّق إلّا في الواجبات التّوصّليّة.
ثانيهما : ما يقتضي استحقاق الأجر والثّواب وهو لا يعقل تحقّقه بدون قصد
__________________
(١) الأعراف : ٢٩ ، والبيّنة : ٥.