أنّه إمّا أن يكون من الزّمان ، أو غيره. وعلى الثّاني : لا يخلو أيضا إمّا أن يكون متصرّم الوجود كالزّمان فيتجدّد شيئا فشيئا كالتّكلّم ، والكتابة ، والمشي ، بل مطلق ما يكون من قبيل الحركة ، ويسمّى بالزّماني من حيث كون التّميز بين أشخاصه بالزّمان ، أو لا يكون كذلك. وعلى الثّاني : لا يخلو أيضا : إمّا أن يؤخذ أحد القسمين في موضوع حكمه أو لا.
لا إشكال في جريان الاستصحاب في القسم الأخير ، فلا ينبغي التّكلّم فيه ، إنّما الإشكال في جريان الاستصحاب في سائر الأقسام ، فنقول :
أمّا القسم الأوّل ، فالّذي يقتضيه التّحقيق عدم جريان الاستصحاب فيه بالنّظر إلى الدّقة العقليّة ؛ لأنّك قد عرفت غير مرّة : أنّ الشّرط في تحقّق الاستصحاب موضوعا هو اتّحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة بحيث لم يكن الفارق بينهما إلّا باليقين والشّكّ ، وإلّا لم يصدق البقاء على الالتزام بالحكم في زمان الشّك ولا النّقض على عدم الالتزام به فيه ؛ لأنّ معنى البقاء هو وجود ما كان موجودا في الزّمان الأوّل في الزّمان الثّاني بعينه.
ومن المعلوم أنّ هذا المعنى لا يتصوّر بالنّسبة إلى الزّمان ؛ لأنّ وجود كلّ قطعة منه يتوقّف على انعدام ما قبله ، فيكون وجود جزئه بحسب التّدريج والتّصرّم بحيث لا استقرار لها في الوجود ، فكلّ ما شكّ في وجود جزء منه فيرجع إلى الشّك في الوجود ابتداء ، فيكون من الشّك في الحدوث حقيقة ، ولازمه عدم صدق البقاء مثلا إذا شكّ في جزء في أنّه من اللّيل أو النّهار ، فلا ريب في أنّ العلم بكون ما قبله نهارا لا ينفع بالنّسبة إلى الزّمان المشكوك ؛ لأنّه غيره قطعا. هذا ما يقتضيه التّحقيق في المقام.