وهذا الّذي ذكرنا هو عمدة الوجه في اعتبار الاستصحاب بالنّسبة إلى الوسائط الخفيّة.
وقد ذكر بعض أفاضل مقاربي عصرنا وجوها أخر لاعتبار الاستصحاب بالنّسبة إلى جملة من أمثلة الفرض حيث قال ـ بعد جملة كلام له ساقها في بيان إثبات عدم اعتبار الأصل المثبت ـ ما هذا لفظه :
« وأمّا التّعويل على أصالة عدم حدوث الحائل على البشرة في الحكم بوصول الماء إليها في الوضوء والغسل ، وعلى أصالة عدم خروج رطوبة لزجة كالودي بعد البول في إزالة عينه بالصّب مع كون الأصل في المقامين مثبتا لأمر عادي فليس لأدلّة الاستصحاب ، بل لقضاء السّيرة والحرج به ، مضافا في الأخير إلى إطلاق الأخبار الدّالّة على كفاية الصّب مطلقا » (١). انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
وأنت خبير بضعف هذه الوجوه كلّها.
أمّا السّيرة ؛ فلأنّها ناشئة من عدم المبالاة على تقدير تسليمها.
وأمّا لزوم الحرج ، فلتوجّه المنع إليه سيّما في المثال الأخير. وأمّا التّمسّك بالإطلاق ؛ فلأنّ الإطلاق في المقام وارد لبيان حكم آخر كما هو غير خفيّ على المتأمّل.
ثمّ إنّه لمّا كان الدّليل على اعتبار الاستصحاب ـ فيما كان له واسطة خفيّة ـ دعوى صدق النّقض على ترك الالتزام به ، فيمكن أن يدّعي مدّع بملاحظته صدق
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٣٧٨.