والحاصل : أنّه لا بدّ من أن يلاحظ ويفرّق في كلّ مورد بين الحكم الشّرعي المترتّب على نفس مجرى الأصل وبين الحكم الشّرعي المترتّب على ما يلازمه ، ٣ / ١٤٠ ولا يجري حكم التّأخّر في القسمين على الاستصحاب الجاري فيهما ، بل ذكر الأستاذ العلّامة ( دام ظلّه ) في مجلس البحث : أنّه على فرض جواز إثبات الحكم المترتّب على الحدوث في القسم الأوّل والوجود في الزّمان المتأخّر في القسم الثّاني لا يجوز إثبات الحكم المترتّب على عنوان التّأخّر ؛ لأنّه ملازم للأمرين في القسمين ، لا أن يكون عينهما وإن كان ما ذكره لا يخلو عن تأمّل.
فإن قلت : ليس التّأخّر إلّا عبارة عن الوجود المسبوق بالعدم ، فإذا فرض القطع بوجوده في زمان وشكّ في وجوده في زمان سابق عليه ، وفرضنا إجراء الأصل ، وحكمنا بعدمه في زمان الشّك ، كان هذا معنى التّأخر وهو عين ما أجري الأصل فيه ، لا أن يكون ملازما له.
نعم ، الفرق بينهما باختلاف اللّفظ ، فتارة يقال ـ علي هذا المعنى ـ التّأخّر وأخرى : الوجود المسبوق بالعدم بحكم الأصل ، فلم يرد بإجراء الأصل إثبات الوجود في زمان من الأزمنة حتّى يكون مثبتا ، بل أريد نفس إثبات العدم إلى زمان القطع بالانقلاب إلى الوجود ، فليس إذن مانع عن إثبات التّأخّر بالأصل كما لا يخفى.
قلت : مجرّد كون التّأخّر عبارة عن الوجود المسبوق بالعدم لا يخرج الأصل المذكور عن كونه من الأصول المثبتة ؛ ضرورة أنّ إثبات المفهوم الثّابت أحد جزءيه بالوجدان بإجراء الأصل في إثبات جزئه الآخر لا يخرج الأصل المذكور عن الأصول المثبتة ، وهذا معنى ما ذكره ( دام ظلّه ) ، اللهم إلّا أن يدّعى
__________________
آشتيانى ، محمدحسن بن جعفر ، بحر الفوائد فى شرح الفرائد ـ قم ، چاپ : اول ، ١٣٨٨ ش.