كون الواسطة من الوسائط الخفيّة الموجبة لصدق نقض المستصحب على ترك الالتزام بآثارها في حكم العرف كما هو المشاهد في كثير من المقامات.
كما في استصحاب عدم الهلال في يوم الشّك ؛ فإنّ الحكم به عبارة عند العرف عن الحكم بكون غده من الهلال وأوّل الشّهر. ولهذا يقال عليه : أوّل الشّهر الشّرعي ، مع أنّه لم يرد من الشّرع إلّا الحكم بعدم جعل اليوم المشكوك من الهلال على ما ذكره في « الكتاب » من كون الفرض من أمثلة الوسائط الخفيّة في الأمر السّابق.
نعم ، هنا إشكال على ما ذكرنا وذكره الأستاذ العلّامة : بأنّه إذا كانت الواسطة خفيّة في بعض الموارد ، كان الأمر كذلك في جميع موارد إثبات التّأخّر ؛ لأنّ الواسطة أمر واحد لا يختلف باختلاف الموارد كما لا يخفى. فاللّازم إذن الالتزام باعتبار أصالة التّأخّر بالنّسبة إلى الأحكام المترتّبة على صفة التّأخر أيضا. وهو كما ترى.
وقد يلاحظ تأخّر الحادث بالنّسبة إلى حادث آخر ، كما إذا علم بحدوث حادثين وشكّ في تقدّم أحدهما على الآخر لا بمعنى إجراء الأصل بالنّسبة إلى التقدّم فيقال : الأصل عدم تقدّمه عليه ـ كما قد يتوهّم ـ بل بمعنى استصحاب عدمه إلى زمان القطع به الّذي هو مؤخّر عن زمان القطع بالحادث الآخر كما في جملة من الموارد ، إذن لم يثبت تأخّره عن زمان وجوده للجهل.
والحاصل : أنّ أصالة التّأخّر مرجعها في جميع الموارد إلى استصحاب عدم الحادث اليقيني إلى زمان القطع بانقلابه ، فمنه يظهر ما في كلام الفاضل القميّ رحمهالله في « القوانين » : من أن إطلاق أصالة تأخّر الحادث على هذا المعنى لا يكون على