التّعارض على التّقدير الثّالث كما لا يخفى.
والحاصل : أنّه لا معنى لإهمال أخبار الاستصحاب بالنّسبة إلى كلّ متيقّن كان موضوعا لحكم في الشّريعة إذا لم يتعارض إجراء الاستصحاب فيه بإجرائه في غيره بحيث لا يجوز معه العمل بهما ، فاللّازم منه هو العمل على ما ذكرنا من التّفصيل والأخذ به وسلوكه في الفرض ، فما ذكرنا ميزان كلّي لا يجوز التّخطّي عنه ـ بناء على القول بعدم اعتبار الأصول المثبتة ـ فلا بدّ للشّخص أن يلاحظ الأحكام الشّرعيّة المترتّبة على الموضوعات الواقعيّة من حيث ترتّبها على نفس عدم الحادث ـ أو على تأخّره عن الحادث الآخر بحسب الزّمان.
فلو علم بحصول الكريّة للماء وملاقاته للنّجاسة وجهل تاريخهما : بأن وجد كرّا فيه نجاسة يعلم بعدم حصول الكريّة للماء في زمان وعدم وجود النّجاسة فيه أيضا ، ولكن لا يعلم زمان حدوثهما ، فيحتمل تقدّم كلّ منهما على الآخر وتقارنهما ، فتستصحب حينئذ عدم كلّ منهما إلى زمان العلم بهما ويترتّب على كلّ منهما الحكم المترتّب عليه فكلّ حكم ترتّب على الكريّة لم يحكم به ، بل يحكم بما يترتّب على عدم الكريّة من جهة استصحاب عدمها.
كما أنّ كلّ حكم ترتّب على نجاسة الماء أيضا لم يحكم به ، بل يحكم بما ترتّب على عدمها ، فلو غسل بالماء المذكور متنجّس قبل زمان العلم بالكريّة والنّجاسة يحكم بطهارته إذا فرض ورود مائه عليه لا وروده عليه ، وإلّا فيحكم بنجاسته ونجاسة الماء المغسول به كما لا يخفى.
وأمّا الحكم بطهارة الماء ونجاسته ففيه وجهان مبنيّان ـ مع قطع النّظر عن إحراز إثبات التّقارن ـ على لزوم إحراز الكريّة في الحكم بعدم الانفعال قبل