ثمّ قد يناقش في بعض أمثلة الفرض لا من جهة ما ذكر بل من جهة أخرى ، كما في استصحابي الحيض على ما في « الكتاب » سيّما المثال الأخير ؛ فإنّ استصحاب بقاء اقتضاء الطّبيعة لا يثبت خروج الدّم من المرأة ، كما أنّه لا يثبت اتّصاف الدّم الخارج بالحيضيّة عند الشّك في اليأس. ومن هناك لم يذكرهما في « الكتاب » على وجه الجزم فتأمّل.
وتوهّم : كون الشّك في بقاء المستصحب ناشئا من وجود جزء آخر والأصل عدمه ، فيكون حاكما على الاستصحاب الوجودي مانعا عن جريانه ، مندفع. مضافا إلى عدم إمكان إثبات ارتفاع الكلّي بنفي الفرد بما ذكره ( دام ظلّه ) من الوجهين في « الكتاب » فلا يكون إذن مانع عن جريان الاستصحاب في هذا القسم حيثما يساعد العرف على الحكم بالاتّحاد فيه.
وجعل الموجودات المتعدّدة الغير المجتمعة موجودا واحدا حتّى يتعلّق الشّك ببقائه وارتفاعه فاسد ؛ فإنّ حكم العرف بذلك ليس دائميّا ؛ فإنّه كثيرا ما يحكمون بتعدّد الوجودات وتباينها من جهة تعدّد الدّواعي الموجبة للفعل المستمرّ ، أو لطول الفصل وعدم الاشتغال بالفعل ، وإن كان الدّاعي واحدا أو لغيرهما من الأمور ، فإذا شكّ في بقاء القاري على صفة القراءة من جهة الشّك في حصول الصّارف مع اقتضاء الدّاعي قراءته في زمان الشّك أيضا ، فلا إشكال في جواز الاستصحاب بناء على المسامحة ، ولو مع تخلّل فصل قصير لا يعتدّ به.
وأمّا لو شكّ في قراءته من جهة الشّك في حصول داع آخر ؛ لاشتغاله بعد القطع بانتفاء الدّاعي الموجود أوّلا ، أو شكّ في قراءته بعد رفع يده عنها في زمان طويل وإن كان الدّاعي متّحدا ، فلا إشكال في عدم جريان الاستصحاب.