ولكنّ التّحقيق : أنّ استصحاب عدم القاطع غير جار في المقام لاحتياجه إلى توسيط إثبات القابليّة المترتّب عليها الحكم الشّرعي بواسطة ، ومثل هذا ليس موردا للاستصحاب قطعا ؛ لعدم جريان ما ذكرنا من الميزان فيه.
ومنه ينقدح فساد ما ذكر أخيرا : من أنّ قضيّة تسبّب الشّك في القابليّة والهيئة عن الشّك في وجود القاطع هو عدم جريان الاستصحاب فيهما ؛ فإنّك قد عرفت غير مرّة : أنّ مع جريان الأصل في الشّك السّببي لا يجوز الرّجوع إلى الأصل في الشّك المسبّب. وأمّا مع عدم جريان الأصل فيه ، فلا مانع من الرّجوع إلى الأصل فيه. هذا محصّل ما قرّره الأستاذ العلّامة مع توضيح وتنقيح منّي.
ولكن الإنصاف عدم خلوّه مع ذلك كلّه عن النّظر ؛ لأنّ وجوب الإعادة والاستئناف على تقدير تسليم كون الواسطة خفيّة ليس من الأحكام الشّرعيّة لعدم موافقة المأتي به للمأمور به ، بل من الأحكام العقليّة له. وعلى تقدير تسليم كونه من الأحكام الشّرعيّة لا يكون عدمه من الأحكام الشّرعيّة قطعا ، إلّا أن يرجع الحكم بعدمه إلى جعل حكم شرعيّ آخر فتدبّر.
هذا بعض الكلام في المقام. وقد ذكرنا جملة من الكلام فيه أيضا في الجزء الثّاني من التّعليقة فراجع إليه.
ثمّ إنّ هنا طرق أخر لإثبات صحّة العمل عند الشّك في فساده في المقامين قد أشرنا إليها أيضا في الجزء الثّاني من التّعليقة :
أحدها : قوله تعالى وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (١) وفيه : ما عرفت ثمّة من منع
__________________
(١) محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : ٣٣.