أقول : حاصل ما ذكره ( دام ظلّه ) : أنّ الغلبة إنّما تنفع في إلحاق المشكوك بالأعمّ الأغلب إذا علم بوجود فرد آخر يحتمل كونه الفرد النّادر ، أو أفراد يحتمل كون النّادر في ضمنها ليمكن حصول الظّن بكون المشكوك مثل الأغلب في الحكم أو الصّفة. وإن لم يعلم بذلك واحتمل انحصار الفرد في المشكوك فلا يمكن إلحاقه بالأغلب وحصول الظّن بكون المشكوك مثل الأغلب ، وإلّا فيؤدّي إلى اجتماع الظّن والعلم على طرفي النّقيضين وهو محال.
__________________
تكونوا على شريعة موسى « على نبينا وآله وعليهالسلام » وأخذكم بغيرها خلاف ما يدل عليه دليلكم الذي تسلّمونه وتصدّقونه فليس يرد علينا شيء من ذلك ؛ فإن الإستصحاب يحكم بعدم جواز نقض اليقين بغير اليقين ونحن نقضنا اليقين باليقين على ان اليقين السابق لم يحصل لنا إلّا من هذا اليقين فهو تبع له ومعلول له لو لم يكن لم يكن ، فلا له علينا من هذه الجهة به سبيل.
وإن أراد إظهار معذرة لنفسه في تأبّيه عن قبول الشريعة الغرّاء والطريقة الحنيفيّة البيضاء بأن يقول : تكليفي فعلا بمقتضى الإستصحاب البقاء على المتيقّن السابق حتى يحصل اليقين بالخلاف ولم يحصل فنحن نعذره ، لكن بعد الفحص والبحث والنظر في الأدلّة الدالّة على ثبوت هذا الدين ونبوّة سيد المرسلين وعدم حصول اليقين له اللازم الحصول للجدّ الصادق من غير تقصير في تحصيل المقدّمات وكونه معذورا على هذا التقدير يصدق مع امتناع التقدير ؛ فإن صدق الشرطيّة لا يتوقّف على صدق الشرط.
وأمّا قبل النّظر والجدّ في تحصيل اليقين بالبحث والفحص فلا ؛ لأنه مخالف لحكم العقل القطعي بوجوب النظر لدفع الضّرر المحتمل.
وبالجملة : لم ينتج الإستصحاب للكتابي فائدة يعضّ بها ويرتجز في مضمار المسلمين بانه لها ، فهو كسراب بقيعة يحسبه الظمأن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ، فبالحريّ في هذا المقام ان نختم الكلام بالسلام » إنتهى. أنظر حاشية رحمة الله على الفرائد المحشّي : ٣٩٢.