معنى لدعوى وجوده سيّما مع معارضة دعوى بعض الأمم بدعوى أمّة أخرى مكذّبة لها فتدبّر.
(٢٨٦) قوله : ( إنّ مرجع النّبوّة المستصحبة ... إلى آخره ) (١). ( ج ٣ / ٢٦٩ )
أقول : قد يناقش فيما ذكره : بأنّ قيام النّبوة بالنّفس النّاطقة لا يقتضي عدم زوالها بالموت غاية ما هناك عدم اقتضائه للزّوال في قبال ما يعرضها من حيث وجودها في النّشأة الدّنيويّة المقتضي للزّوال بالموت ؛ ضرورة أنّ بقاء النّفس
__________________
(١) قال المؤسس الطهراني قدسسره :
وفيه : ان استصحاب النبوّة مرجعه إلى التديّن بها وعقد القلب عليها لا إلى التديّن بجميع ما جاء به ، وعدم قابليّة صفة النبوّة للإرتفاع بديهي الفساد ، وإنّما الباقي هو القرب من الله تعالى.
وأمّا النبوّة فهو من المناصب ولا معنى لنسخ النبوّة إلّا عزل النبي عن منصبه وإقامة شخص آخر مقامه ، وبهذا يتبدّل الإقرار بنبوّة النّبي السابق بالإقرار بنبوّة النبي اللاحق إذا كان دينه ناسخا ، ومن المعلوم أنّ النبوّة أحد ركني الدين ، وأمّا النبوّة المنسوخة فالإقرار بها من قبيل التدين بجميع ما جاء به نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم وليس من أصول الدين.
وبالجملة : فالنسخ إنّما يتعلّق بالنبوّة حيث ينسخ الدين ، ونسخ الحكم أمر وراء ذلك ، فكما ان الإيمان بالنبي ليس عبارة عن التديّن بجميع ما جاء به ، بل إنّما هو عبارة عن الإقرار بنبوّته والتديّن بها وعقد القلب عليها فكذا الإستصحاب إنّما يترتّب عليه وجوب البقاء على الإيمان به والإلتزام ببقاء نبوّته ، وانّ الدين إنّما هو الإقرار بنبوّته لا بنبوّة نبيّ آخر.
وأمّا البشارة فلا يوجب كون الأحكام مغيّاة ؛ لما عرفت : من انّ النسخ ليس تحديدا ، بل لا معنى له الّا الرفع ، مع انّ جريان الإستصحاب مع الشك في النسخ ، ممّا لم يتأمّل فيه ذو مسكة ولو قلنا بانه انتهاء الأمد ، ومجرّد دعوى التحديد لا يمنع من الرّكون إلى الإستصحاب ، بل المدّعي إثباته والمنع من الإستصحاب لتوهّم : ان النّسخ ليس رفعا حقيقة مكابرة ومخالفة للضرورة » إنتهى. أنظر محجّة العلماء : ٢ / ٢٩٠.