أقول : قد يورد عليه : بأنّ كلّا من الاعتقادين اعتقاد مستقلّ غير مربوط بالآخر فلا معنى لتقييد أحدهما بالآخر ، ومدخليّة تبليغ النّبي السّابق مخصوص نبوّة نبيّنا في نبوّته ليس إلّا كمدخليّة سائر ما أمر بتبليغه ، فنحن معتقدون بنبوّته
__________________
باحدهما وإنكار الآخر ، بل هي حقيقة واحدة قد تنسخ وقد لا تنسخ.
وحينئذ فالتحقيق في جواب الكتابي أن يقال : إنّ الاستصحاب حكم الشاك بعد الفحص المعتبر ولا شك للمسلمين في حقّية دينهم بل وكذا أهل الكتاب في الأغلب ، ولو فرض حصول شكّه ، وعليه أن ينظر في صحّة بيّنتنا حتّى يزيل الشك عن نفسه ، ولا محل للعمل بالإستصحاب قبل ذلك ، ولو فرض انه لم يرتفع شكه بعد كمال الفحص والنظر وبذل غاية الجهد فلا غائلة في استصحاب الشريعة السابقة على تقدير العلم بها بالبيّنة في هذا الفرض النادر على أحد الوجوه التي قررناها من ثبوت حجية الاستصحاب عنده في كلتا الشريعتين أو إحداهما أو ثبوت حجية خصوص هذا الاستصحاب بحكم العقل وبناء العقلاء كما عرفت الوجه فيه سابقا ، وليس هذا دليلا على حقّية مذهب الكتابي في هذا الزمان كما أراده بل هذا حكم عمل الشاك الكذائي الذي لم يتحقق وجوده إلّا في فرض نادر غاية الندرة » ] إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ٣ / ٣١٢ ـ ٣١٣.
* وقال الشيخ رحمة الله الكرماني قدس سره :
« أقول : هذا الجواب ردّي في الغاية ؛ لان السؤال وقع عن الشخص الواقع في الخارج ولا يمكن إنكار نبوّته ، واختلاف التقدير لا يوجب اختلافا في الشخص الواقع في الخارج.
نعم هذا الجواب يناسب من اعتقد بالموصوف الكلّي وشك في انطباقه على الشخص الواقع في الخارج فيقول : إن كان هذا الشخص فعل كذا فأنا معتقد به وإلّا فلا.
ولا يناسب من اعتقد بالشخص ثم وقع النّزاع بينه وبين غيره في انه فعل كذا ، فعلى من يدّعي انه فعل كذا الإثبات ، لا إنكاره على تقدير عدم فعله ليدفع عنه كلفة الإستدلال وذلك واضح للماهر بقانون المناظرة » إنتهى. أنظر الفرائد المحشي : ٣٩٤.