وبعد النّسخ كما سيأتي.
وأمّا المقام الثّاني : فلا ريب في حجيّة الاستصحاب فيه إذا اشتمل على شرائط الحجيّة من غير فرق بين الموافق منه للأصل والمخالف له وهو ممّا لا خلاف فيه بين القائلين بحجّيّته لكنّه ليس من باب تخصيص العام بالاستصحاب في شيء ، ومن هذا الباب ما ذكره من الأمثلة ؛ فإنّ عمومات البراءة إنّما دلّت على البراءة عند عدم قيام دليل على الاشتغال ، فإذا دلّ الاستصحاب على بقاء الاشتغال أو على بقاء موضوع يتفرّع عليه الاشتغال ثبت الاشتغال وليس شأن الاستصحاب حينئذ تخصيص تلك العمومات ، بل تحقّق عنوان اختصّت تلك العمومات بغيره وكذلك الكلام في عمومات الطّهارة ».
وساق الكلام إلى أن قال :
« فاتّضح ممّا حقّقناه أنّ الفاضل المذكور قد خلط بين المقامين : من حيث إنّ صدر كلامه يدلّ على مصيره إلى الجواز في المقام الأوّل ، وذيله يدلّ على الجواز في المقام الثّاني ، واتّضح أيضا ضعف دليله وعدم مساعدة ما استشهد به من كلام الأصحاب على دعواه » (١). انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
وقد يناقش فيما ذكره من التّحقيق والتّفصيل :
أمّا أوّلا : فلأنّ ما ذكره من نفي الرّيب في حجيّة الاستصحاب في إبقاء حكم الخاصّ على إطلاقه حتّى فيما كان العام مشتملا على العموم بالنّسبة إلى الزّمان سيّما على الوجه الأوّل ممّا ليس على ما ينبغي قطعا ، بل قد عرفت عدم جواز
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٢١٥ ـ ٢١٤.