بدعوى كون المفقود من الحالات والكيفيّات الّتي ليست معروضة للطّلب ، كدعوى عدم مدخليّة الجزء المفقود من الماء في كريّة الماء الموجود ، وكونها قائمة بنفس الماء الموجود ، ولذا يجعل معروض المستصحب باعتبار الزّمان السّابق ، ويحمل عليه بهذا الاعتبار فيقال : إنّ هذا الماء كان كرّا ، والأصل بقاؤه على الكريّة ، أو بقاء كريّته.
وهذا بخلاف المستصحب في القسم الأخير ؛ فإنّه ذات المتّصف وإن كان المقصود من استصحابها إثبات قيام الوصف بالمحلّ واتّصافه به ، فاستصحابها نظير استصحاب وجود الكرّ في الحوض ؛ لإثبات قيام الكريّة بالماء الموجود فيه من غير أن يجعل نفس كريّته موردا للاستصحاب ، ولهذا لا يحتاج إلى جعل معروض المستصحب نفس الأجزاء الموجودة ، بل هذا الجعل والتّنزيل على هذا التّقدير ممّا لا معنى له كما لا يخفى.
وهذا بخلاف التّوجيه السّابق ؛ فإنّه لا يمكن استقامته إلّا بجعل مورد الوجوب ادّعاء نفس الأجزاء الباقية ، فالاستصحاب على التّوجيه الأخير لا يتمّ إلّا على القول باعتبار الأصول المثبتة وإن بني على لزوم إحراز الموضوع بالدّقة العقليّة ، وفي الأوّل لا يتمّ إلّا على القول بكفاية إحراز الموضوع بالمسامحة العرفيّة وإن بني على فساد القول باعتبار الأصول المثبتة كما لا يخفى.
نعم ، يشتركان في لزوم الشّك في مدخليّة الجزء المفقود في المطلوبيّة مطلقا أو في حال الاختيار ، وإلّا لم يكن معنى لفرض الاستصحاب والتّكلّم فيه في هذا المبحث كما لا يخفى.