الوجوب الّذي لا يعقل الإشكال في تحقّقه وتقرّره على نحو تقرّر سائر ٣ / ١٦٥ الموجودات ضرورة عدم توقّف صدق الشّرطيّة على صدق الشّرط هذا. وإن شئت توضيح القول في ذلك وتفصيله فراجع إلى ما ذكرنا سابقا من الكلام في دفع توهّم عدم جريان الاستصحاب التّعليقي.
وبين القسمين الأخيرين هو : أنّ وجوب الخروج عن عهدة التّكليف في زمان التّمكن عمّا يشكّ في جزئيّته إنّما هو من جهة حكم العقل بعد القطع باشتغال الذّمة بالتّكليف المردّد بين تعلّقه بالأقلّ أو الأكثر ، ومن المعلوم ضرورة عدم وجود هذا المناط في صورة عدم القدرة على الإتيان بالزّائد ؛ لرجوع الشّك إذن إلى الشّك في أصل التّكليف.
واستصحاب الوجوب مع قطع النّظر عن ابتنائه على المسامحة في إحراز الموضوع غير جار فيه كما في القسم الأوّل ؛ حيث إنّ الوجوب الغيري على تقدير ثبوته قد ارتفع قطعا ، والوجوب النّفسي المراد إثباته لم يعلم ثبوته من أوّل الأمر أيضا ، فليس بدّ إذن من جعل المستصحب هو القدر المشترك ، أو الوجوب النّفسي باعتبار إحدى المسامحتين المتقدّمتين.
وأمّا جعل المستند في وجوب الاحتياط استصحاب التّكليف والاشتغال ، ففيه ـ مع ما عرفت سابقا : من فساد التّمسّك به من وجوه ـ : أن التّمسك به في المقام لا يجوز إلّا باعتبار ما ذكرنا فتأمّل (١).
__________________
(١) الوجه في التأمّل : أن الإستصحاب على هذا الوجه وإن كان متوقّفا على إحدى المسامحات أيضا إلّا ان المدّعى عدم إمكان مانعيّة فقد الجزء الثابت جزئيّته بهذا الإستصحاب عن إستصحاب الوجوب بالنّسبة إلى الباقي فتدبّر. ( منه دام ظلّه ).