بل وكذلك الأمر لو فرض كون حرمة العمل بالظّن ذاتيّا كما هو واضح.
ومنه يعلم : أن حكومة دليل اعتبار الظّن الاجتهادي على الاستصحاب فيما لو كان على خلاف الأصل إنّما هو إذا جعل الشّك في أدلّة الأصول هو المعنى الأعمّ ، وأمّا إذا جعل المراد منه المعنى الأخصّ فلا تعلّق لدليل اعتبار الظّن حينئذ بدليل اعتبار الأصل حتّى يجعل حاكما عليه ؛ لأنّ كلّا منهما يثبت حكما في موضوع غير الموضوع الّذي يثبت فيه الحكم الدّليل الآخر.
ولعلّ ما ذكرنا هو الوجه في أمر الأستاذ العلّامة بالتّأمل وإرجاعه إلى ما ذكره في كلّ من التّقديرين أولى وإن كان بعيدا في الغاية. هذا مجمل القول في المقام على تقدير القول باعتبار الاستصحاب من باب التّعبّد.
وأمّا على القول باعتباره من باب الظّن : فالّذي يظهر من الأكثرين عدم اعتبار الظّن الشّخصي ، بل يعملون به في صورة قيام الظّن الغير المعتبر على الخلاف فضلا عن صورة التّسوية كما يظهر من حكمهم بمقتضيات الأصول مطلقا من غير مراعاة الظّن أصلا وعنوانهم مسألة تعارض الأصل والظّاهر ؛ فإنّه ٣ / ١٦٧ أقوى شاهد لما ذكرنا كما هو واضح.
نعم ، قد عرفت عن الشيخ بهاء الدّين ( رحمة الله عليه ) اعتبار الظّن الشّخصي ، وكذا عن الشّهيد رحمهالله على ما صرّح به الأستاذ العلّامة في مجلس البحث ؛ حيث إنّه ذكر أن جعل المراد من الظّن في كلامه الظّن النّوعي كما استظهرنا منه في أوّل الكتاب في غاية البعد ، وهو أيضا ظاهر كلّ من جعل منشأ الظّن في الاستصحاب الغلبة وجعل المدرك له دليل الانسداد. ومنه يعلم أنّ مقتضى دقيق النّظر اختلاف الحال في ذلك بحسب اختلاف منشأ الظّن ومداركه.