أقول : لا يخفى عليك أنّ ما ذكره ( دام ظلّه ) لا يتوجّه عليه أصلا ؛ لأنّ الشّهيد إنّما دفع التّناقض المتوهّم من قولهم اليقين لا ينقض بالشّك بقوله : « بل المعنيّ به ... إلى آخره » (١) وأمّا قوله : « فيؤول إلى اجتماع الظّن والشّك » (٢) فليس له دخل بأصل دفع التّوهّم ، وإنّما هو بيان لما يحصل بعد ملاحظة الحالة السّابقة على ما يشهد به تفريعه على قوله : « لأصالة بقاء ما كان » (٣) فلم يرد بما ذكره دفع أصل التّوهّم ولا حصول الظّن قبل ملاحظة الحالة السّابقة حتّى يقال : إنّه في محلّ المنع ؛ إذ على فرض وجوده لا تعلّق له بالظّن الاستصحاب كما لا يخفى ، بل أراد بيان ما يحصل في مورد الاستصحاب بعد ملاحظة الحالة السّابقة ، فما ذكره من التّوجيه لا بأس به ولا يتوجّه عليه شيء.
لا يقال : ما ذكر يوجب التّفكيك بين الشّك في قوله أخيرا : فيؤول إلى اجتماع ... إلى آخره » (٤) والشّك الواقع في سابقه وهو في كمال البعد.
لأنّا نقول : نمنع من لزوم التّفكيك ؛ فإنّ المراد من الشّك في المقامين هو خلاف اليقين غاية الأمر تحقّقه في مورد في ضمن فرد ، وإرادته كذلك وتحقّقه في مورد آخر في ضمن فرد آخر وهذا ممّا لا يوجب اختلافا في أصل معنى الشّك هذا. مع أنّ مجرّد لزوم خلاف الظّاهر لا يمنع من التّوجيه كما لا يخفى ، بل قد يقال : إنّ محلّ التّوجيه ما استلزم فيه ارتكاب خلاف الظّاهر.
ثمّ إنّه قد يجاب عن إيراد عدم اجتماع الظّن والشّك كاليقين والشّك بأنّ
__________________
( ١ و ٢ و ٣ ) الذكرى : ج ٢ / ٢٠٧ « ط آل البيت ».
(٤) نفس المصدر.