هذا ملخّص ما يقرّر به الدّليل العقلي على اشتراط العلم ببقاء الموضوع في الاستصحاب وعدم جريانه في صورة القطع بانتفائه أو الشّك فيه.
وهو كما ترى ، لا يخلو عن إجمال ومناقشة.
لأنّه إن أريد من بقاء المستصحب وإبقائه في زمان الشّك وجوده وإيجاده واقعا.
ففيه : أنّ الأمر وإن كان كما ذكر على هذا التّقدير ، إلّا أنّه خارج عن محلّ البحث كما لا يخفى.
وإن أريد البقاء الشّرعي وحكم الشارع به في مرحلة الظّاهر.
ففيه : أنّه لا امتناع في تعبّد الشارع المكلّف على الالتزام بالحكم المترتّب على الشّيء مع الشّك فيه ، كما هو واقع في غير الاستصحاب من القواعد المقرّرة للرّجوع إليها عند الشّك كقاعدة الطّهارة والحليّة ونحوهما ، بل مع القطع بعدمه.
لا يقال : كيف يمكن تعبّد الشارع المكلّف على حكم مع القطع بانتفاء ما هو الموضوع له؟ ضرورة اقتضاء انتفاء الموضوع بحكم العقل مع فرض كونه موضوعا انتفاء ما هو المحمول والتّعبّد بالالتزام بمثله ليس التزاما به.
لأنّا نقول : تعبّد الشّارع المكلّف على حكم ثابت لموضوع الّذي يرجع إلى جعل حكم ظاهريّ في حقّه مع القطع ببقاء الموضوع أيضا لا يمكن أن يكون بعين ما كان ثابتا في الموضوع الواقعي ، وإلّا لم يكن حكما ظاهريّا ؛ ضرورة تغاير الإنشاءين والحكمين كما لا يخفى ، فلا يمكن أن يكون أحدهما عين الآخر ، فلم يبق إذن إلّا التّشبّث بذيل ظهور عدم النّقض والبقاء بحكم العرف في اتّحاد الموضوع وبقائه في الزّمان الثّاني.