مع أنّ مجرّد وجود الجامع بينهما لا يقضي بإرادتهما من حيث مناطهما الّذي هو المناط فيهما ، فلا يمكن أن يجعل الأخبار دليلا على القاعدتين ، بل هي على تقدير تسليم الجامع بينهما يدلّ على معنى عار عن مناطهما بالمرّة ، وهذا كما ترى يرجع إلى أنّ الجمع بين القاعدتين يوجب استعمال اللّفظ الدّال على الحكم في المعنيين.
ثانيها : أنّ من المعلوم ضرورة عدم إمكان اجتماع كلّ من اليقين والشّك في إحدى القاعدتين مع اليقين والشّك في الأخرى حتّى يحكم بإمكان إرادة الحكم المتعلّق بهما من لفظ واحد ؛ فإنّ عدالة زيد في يوم الجمعة مثلا لا يعقل أن يكون متعلّقا للشّك في الحدوث في يوم السّبت مثلا وللشّك في البقاء ؛ ضرورة ثبوت التّضاد بينهما.
ثالثها : ما أشرنا إلى نظيره سابقا في مسألة الأصل المثبت ، وهو مبنيّ على تسليم إمكان وجود المناط في القاعدتين في مورد واحد على البدل : من أنّ من الواضح المعلوم أنّ عموم العام إنّما هو بالقياس إلى الأفراد الواقعيّة لا الاعتباريّة ، بمعنى : أنّه لو كان ثمّة شخص خارجيّ وجزئيّ حقيقيّ له اعتبارات ينتزع منها أمور لم يجز أن يقال : إنّ العام يشمل جميع هذه الأمور ؛ ضرورة استحالة إيجاب تعدّد اللّحاظ والاعتبار تعدّد الشّيء بحسب نفس الأمر والواقع ، وإلّا لزم انقلاب الشّيء عمّا هو عليه بحسب الواقع ، وهو محال بالضّرورة من العقل.
فنقول ـ إذن تطبيقا لما ذكر على المقام ـ : أنّ أخذ العدالة في المثال المفروض ـ تارة : مقيّدة باليوم الجمعة حتّى يتحقّق من أجله اليقين والشّك المعتبران في قاعدة الشّك السّاري ، وأخرى : مطلقة معرّاة عن ملاحظة الزّمان