المفروض حتّى يقال : إنّ احتمال وجود الطّهارة واحتمال وجود الرّافع مسبّبان عن الشّك في المجعول الشّرعي ، وأنّه الطّهارة أو الحدث.
فما ذكره : من فرض وجود الحاكم إنّما يستقيم في هذه الصّورة ، إلّا أنّ التّعارض فيها لا يمكن أن يجعل بين استصحاب الطّهارة واستصحاب عدم تأثير الوضوء ، بل لا بدّ أن يجعل بين استصحاب الطّهارة قبل زمان وجود ما يشكّ في بوليّته واستصحاب عدمها الأزلي ، ولكن لا بدّ من التّأمّل في أنّ كلامه هل يشمل مطلق الشّك في الرّافع حتّى في وجوده؟ أو مختصّ بالشّك في رافعيّة الموجود؟
والإنصاف : أنّ كلامه مشتبه المراد فيظهر من بعض مواضعه شموله له ، ومن بعض مواضعه الأخر عدم الشّمول فراجع إلى ما ذكره في « المناهج » (١) ؛ فإنّ المقام يطول بذكر كلامه ؛ فإنّه قد أطنب في المقام غاية الإطناب هذا.
ولكنّك خبير بأنّ الشّك في بقاء الطّهارة وعدمه في الحكم الجزئي وإن كان مسبّبا عن الشّك في وجود الرّافع وعدمه ، إلا أنّه ليس المقام مقام جريان الأصلين ، أي : استصحابي الوجود والعدم ، حتّى يرجع إلى استصحاب عدم الرّافع ويجعل حاكما على الاستصحابين ؛ لأنّ العلم الإجمالي : بأنّ حالة الشّخص في صورة الشّك ليست بخارجة عن الحدث والطّهارة مانع عن جريانهما ، فيكون هنا استصحاب واحد ليس إلّا ، وهو استصحاب عدم وجود الرّافع. فإن ترتّب حكم شرعيّ عليه وإلّا فلا يعمل به أيضا ؛ لعدم التّعويل على ما لا يترتّب عليه أثر شرعيّ من الأصول.
__________________
(١) مناهج الأحكام : ٢٣٨.