دليل على اعتبار مجرّد الاعتقاد بشيء سابقا مع الشّك في مطابقته للواقع وعدمه من حيث هو هو مطلقا ، سواء كان في الأحكام أو الموضوعات ، حصل عن قصور أو تقصير ، وسواء كان في الموضوع الاجتهادي ، أو التّقليدي ، أو غيرهما.
وهذا ما يقال : إنّ الشّك السّاري لا اعتبار به. نعم ، قد توجد في بعض موارد تلك القاعدة قاعدة أخرى تقتضي البناء على مقتضى تلك القاعدة ببعض معانيها ، ٣ / ١٨٣ لكن لا دخل لها بتلك القاعدة ؛ لأنّ مناطها لا تعلّق له بها ، وهذا ليس معنى اعتبار اليقين السّابق من حيث هو هو ، ولا دخل له به ، وإلّا لجاز التّمسك على اعتبار كثير من الأمور بوجود بعض ما حكم باعتباره في بعض موارده ، وهذا حدّ يرغب أهل العلم عنه.
ثمّ إنّ هنا توهّما آخر لم يشر الأستاذ العلّامة إلى فساده وهو : جريان الاستصحاب في الحكم الاعتقادي الظّاهري المتحقّق باليقين السّابق ، ويسمّى في لسان جماعة ممّن عاصرناه أو قارب عصرنا : بالاستصحاب العرضي.
وهو كما ترى ؛ فإنّ الحكم الظّاهري الثّابت في صورة الاعتقاد على تقدير ثبوته مترتّب على نفس الاعتقاد فبقاؤه مع ارتفاع الاعتقاد ممّا لا يعقل له معنى ، وإلّا لزم قيام العرض بعد معروضه في غير موضوع ، وكلاهما ممّا يشهد بداهة العقل باستحالته (١).
__________________
(١) وعلّق عليه تلميذه الفاضل الكرماني قدسسره قائلا :
« أقول : إن ثبت انّ الإعتقاد كما انه علّة لحدوث الحكم أو تنجّزه علّة لبقاءه فهو وإلّا فيمكن أن يقال : علّة البقاء هو الإستصحاب وزوال الإعتقاد لا يضرّ بالبقاء بعد الحدوث أو التنجّز.