أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريّا » (١).
فإنّه لمّا ادّعى أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث وإنّ تركتنا فيء وصدقة » تمسّكا بشهادة بعض من حضر من المنافقين أرادت ردعه عن هذا الحديث الباطل المجعول ، وإلّا فالواقع ما ذكرته عليهالسلام في هذه الرّواية من كونه نحلة لها من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن أمكن القول : بأنّها في الرّواية الأخرى الطّويلة في مقام المحاجّة أظهرت إبطال دعوى أبي بكر ، وتمسّك بوجهين :
أحدهما : أنّ ما ادّعاه من عدم توريث الأنبياء وأنّ تركتهم صدقة باطل.
ثانيهما : أنّ انتقال الفدك على تقدير الإغماض والتّسليم لم يكن بعنوان ٣ / ١٩٢ الميراث ، بل بعنوان العطيّة والنّحلة.
وكيف ما كان : دعواها ( صلوات الله عليها ) العطيّة على خلاف الاستصحاب قطعا بناء على صيرورة فدك ملكا للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وانتقاله منه صلىاللهعليهوآلهوسلم إليها عليهاالسلام بعنوان العطيّة ، وهذا بمجرّده وإن لم يكن ممّا استند فيه ذو اليد ملكه إلى تمليك المدّعي والتّلقي عنه فيستظهر منه في باديء النّظر عدم ارتباطه بما أفاده ( دام ظلّه ) ، إلّا أنّه بعد ضمّ المقدّمة الباطلة إليه ـ الّتي ادّعاها أبو بكر : من كون فدك لو لا العطيّة والنّحلة ملكا للمسلمين وكونه وليّا عليهم ، وإن أخذه فدكا من وكيلها عليهاالسلام من باب الولاية عليهم ـ يجعله منه ؛ إذ لا فرق في استناد ذي اليد ملكه إلى التّلقي من المدّعي ، أو من مورّثه ، أو ممّن ينتقل الملك منه إلى المدّعي بسبب آخر على تقدير فساد دعوى ذي اليد ، كما في فرض الرّواية المبني على تسليم
__________________
(١) الاحتجاج : ج ١ / ١٣٨.