أقول : لا يخفى عليك أنّه قد يورد عليه : بأنّ المتعيّن في الموثّقة هو المعنى الأوّل بمقتضى ظاهرها ؛ فإنّ الظّاهر من قوله : « إذا شككت في شيء من الوضوء » (١) كون المراد من الشّيء نفس المشكوك الّذي هو جزء الوضوء ، لا كون المراد منه الوضوء وكون المشكوك أجزاءه حتّى يتعيّن إرادة المعنى الثّاني ، ولا ينافيه كون المراد من الغير غير الوضوء بالإجماع ؛ إذ لا تنافي بينهما ، فلا يصير دليلا على كون المراد من الشّيء نفس الوضوء ، بل ربّما قيل بكونه يصير دليلا على كون مرجع الضّمير هو الوضوء فتأمّل.
وبالجملة : كلّما نتأمّل لا نفهم وجها لما ذكره أصلا ، بل أصل إرادة المعنى الثّاني من الرّواية لا يستقيم بظاهرها ؛ لانحصار تصحيحه بجعل قوله : « ومن الوضوء » بيانا للشّيء وهو كما ترى فتدبّر.
(٣٤٥) قوله : ( ولكنّ الإنصاف : إمكان تطبيق ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ٣٢٩ )
أقول : قد عرفت وجه تطبيقه على وجه يمكن إرادة المعنى الأوّل فراجع ، وأمّا الموثّقة الثّانية : فوجه تطبيقها على ما في الرّوايات هو جعل الوضوء أمرا بسيطا في نظر الشّارع لا تركيب له أصلا حتّى يتصوّر فيه المعنى الثّاني وستقف على شرح القول فيه.
__________________
(١) التهذيب : ج ١ / ١٠١ ـ ح ٢٦٢ ـ ١١١ ، عنه الوسائل : ج ١ / ٤٧٠ باب ٤٢ من أبواب الوضوء ـ ح ٢.