امتناع إرادة الشّك في الوجود والشّك في الواقع في أثناء الشّيء من الرّواية بخلاف ساير الرّوايات. وقد عرفت بعض الكلام في ذلك ، مع أنّ الحكم بالتّعميم المذكور غير ظاهر اللّزوم لما ذكره فتدبّر.
(٣٥٧) قوله : ( أو يجعل أصالة الصّحة ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ٣٤٢ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ مراده ( دام ظلّه ) من هذا الكلام مجرّد ذكر وجه للحكم بالتّعميم لا كونه معتقدا بتماميّته ، حتّى يرد عليه : بأنّ الأصل المذكور لا مدرك له ؛ لعدم دليل يدلّ على اعتبار ظهور حال المسلم من حيث هو مطلقا.
(٣٥٨) قوله : ( ويمكن استفادة اعتباره ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ٣٤٢ )
أقول : لا إشكال في إمكان استفادة اعتبار الشّك في الصّحة بعد الدّخول في الغير بمعنى إيجابه الحكم بوقوع المشكوك ووجوده من التّعليل المذكور ؛ لأنّه بمنزلة الكبرى لكلّ ما يكون المكلّف أذكر بالنّسبة إليه ، فكما أنّه يدلّ على عدم الاعتناء بالشّك في وجود شيء بعد التّجاوز عن محلّه والدّخول في غيره ؛ من حيث إنّ المكلّف الملتفت الباني على الإتيان بالمأمور به لا يترك من الأفعال ما له دخل فيه ، فيظنّ بعد التّجاوز عنه والدّخول في غيره إتيانه إذا شكّ فيه.
وهذا هو المراد من التّعليل في الرّواية ويدلّ على عدم الاعتناء بالشّك في صحّة ما أتي به بعد الدّخول في غيره لعين العلّة المذكورة ؛ فإنّ المكلّف الباني على الامتثال لا يترك ما له دخل في صحّة عمله. فإن شئت قلت : إنّ التّعليل يدلّ على اعتبار ظهور حال المسلم بالنّسبة إلى عمله مطلقا سواء تعلّق بنفسه أو بأجزائه أو بشرائطه.