__________________
الجهل بأحكامها أو اقترانها بأمور لو كان ملتفتا إليها لكان شاكّا ، ألا ترى أنّ جلّ العوام بل العلماء غافلون عن كثير من الأمور المعتبرة في الصّلاة وغيرها من العبادات والمعاملات ويتجدّد لهم العلم بها شيئا فشيئا ولا يمكنهم الجزم باشتمال ما صدر منهم في السّابق على هذه الشّرائط الّتي كانوا جاهلين بها فلو لم يحمل عملهم على الصّحيح وبني على الإعتناء بالشكّ الناشيء من الجهل بالحكم ونظائره لضاق عليهم العيش كما لا يخفى.
وهذا الدليل وإن كان لبّيا يشكل استفادة عموم المدّعي عنه لإمكان منعه بالنّسبة إلى الشّك السّاري ونظائره ممّا لا يلزم من الإعتناء به حرج أو اختلال إلّا أنّه إذا ثبت عدم اختصاص مجرى القاعدة بما إذا كان الظّاهر من حال العامل إيجاده على الوجه الصّحيح على عدم انحصار وجه الحمل على الصّحيح بظاهر الحال فلا يجوز حينئذ رفع اليد عن ظواهر الأخبار المطلقة بسبب التّعليل المستفاد من قوله : « هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ » لأنّ جعله قرينة على التصرّف في سائر الأخبار فرع استفادة العلّيّة المنحصرة منه والمفروض أنّا علمنا من الخارج عدم الإنحصار.
هذا ، مع انّ دلالته عليه في حدّ ذاته لا تخلو عن تأمّل فلا ينبغي الاستشكال في جريان القاعدة في جميع موارد الشكّ ولذا لم يستثن الأصحاب عن مجراها ـ في باب الوضوء ونظائره ـ شيئا من هذه الصّور.
واحتمال غفلتهم عنها أو ترك التعرّض لها مع عموم الابتلاء بها في غاية البعد.
وبما أشرنا إليه من إطلاق كلمات الأصحاب في مجاري هذا الأصل كأغلب النّصوص ظهر أنّ ما ذكره المصنّف رحمهالله : ( من أنّ الظّاهر أنّ المراد بالشكّ في موضوع هذا الأصل هو الشكّ الطّاري ... إلى آخره ) لا يخلو عن مناقشة فإنّه إن كان غرضه بيان ما أريد من الشّكّ الوارد في النصوص التّي هي مستند هذا الأصل فسيصرح بأن الأخبار مختلفة وأنّ اختلافها منشأ الإشكال.