« كشفهه » (١) : أنّ اعتبار أصالة الصّحة في جميع الموجودات ممّا قضى به الإجماع ، بمعنى : أنّ الأصل في جميع الأشياء السّلامة ؛ لأنّ الفساد إنّما هو من جهة الأمر الطّاري على خلاف الطّبيعة الأصليّة بحيث لو لم يكن لوجد الشّيء صحيحا. فإذا شكّ فالأصل عدمه.
ولذا ذكروا في المتاجر (٢) : أنّه يجوز التّجارة فيما لا يعلم صحّته وفساده قبل الاختبار كالبطّيخ والبيض ونحوهما إتّكالا على أصالة الصّحة والسّلامة ، وإن كان ما ذكره قدسسره لا يخلو عن مناقشة ظاهرة سواء جعل المدرك في الأصل المذكور الاستصحاب بتقريره المتقدّم ، أو الغلبة.
وبالجملة : قيام الإجماع بكلا قسميه على اعتبار أصالة الصّحة ممّا لا يقبل الإنكار عند المنصف الراجع إلى كلماتهم في باب التّداعي وغيره وسيرة النّاس في معاملاتهم ، إلّا أنّه لا عموم له حتّى ينفع في موارد اختلاف العلماء فيها ، اللهم إلّا أن يقال : إنّهم اتّفقوا بأسرهم على إجراء أصالة الصّحة في جميع الموارد ، غاية الأمر : أنّهم اختلفوا في تقديم بعض الأصول عليها في بعض الموارد ، فالإجماع منعقد على اعتبار أصالة الصّحة في كلّ مورد من الموارد. هكذا ذكره الأستاذ العلّامة في توجيه تعميم الإجماع لجميع الموارد.
ولكنّك خبير بأنّ هذا التّوجيه لا يخلو عن النّظر ؛ فإنّ صريح المحقّق الثّاني وظاهر العلّامة على ما ستقف عليه في « الكتاب » : عدم إجراء أصالة الصّحة قبل
__________________
(١) كشف الغطاء : ج ١ / ٢٠١ ـ ٢٠٢.
(٢) انظر القواعد والفوائد للشهيد الأوّل : ج ١ / ١٢٩ ونضد القواعد الفقهية للفاضل مقداد : ٧٩ والمناهل ( كتاب البيع ) : ٢٩٤.