أقول : لا يخفى عليك أنّ هذا الدّليل مثل السّابق لا اطّراد له ؛ لأنّه مختصّ بموارد لزوم الاختلال من ترك العمل بأصالة الصّحة ، اللهمّ إلّا أن يقال : أنّ العقل مستقلّ بوجوب جعل أصالة الصّحة على الشارع من باب اللّطف ؛ من حيث إنّ في تركه إخلالا بالنّظام نوعا ، وهو يكفي في حكم العقل ، ولا يشترط لزوم الاختلال الشّخصي في جميع موارد تسرية الحكم. وكذا الرّواية تدلّ على ذلك ، وإلّا لوجب تخصيص اعتبار اليد أيضا بما لو استلزم من عدم اعتباره اختلال النّظام هذا.
ولكنّك خبير بما في هذا الاستدراك.
بل قد يقال : إنّه لا يلزم من ترك العمل بأصالة الصّحة اختلال أصلا بعد فرض اعتبار اليد وكون تصرف المسلم محمولا على الصّحة من جهة ما دلّ على اعتبار اليد من الأدلّة الخاصّة.
ولكنّك خبير بأنّ هذا التّخصيص والاعتراض أيضا لا يخلو عن مناقشة ظاهرة ؛ فإنّه على تقدير تسليم عدم اختلال نظم المعاش من ترك العمل بها في غير مورد اليد لا ريب في اختلال نظم المعاد منه ؛ فإنّه يلزم على تقديره عدم مشروعيّة صلاة الجماعة إلّا خلف النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الإمام عليهالسلام كما هو واضح ، وهكذا. والالتزام بهذا ونحوه كما ترى ، بل يمكن استكشاف حكم العقل في المقام من التّعليل لاعتبار اليد في رواية الحفص ؛ حيث إنّ الظّاهر منها التّعليل بما هو مسلّم عند العقلاء بالتّقريب الّذي ذكره في « الكتاب ».
ومنه يظهر الوجه فيما أفاده : من إشارة دليل نفي الحرج إلى ذلك بناء على كون المراد منه الحرج النّوعي الغائي لا الشّخصي ، وإلّا فلا إشارة فيه.
نعم ، هو دليل على المدّعى في مورد لزوم الحرج من ترك العمل بالأصل المذكور ، اللهمّ إلّا أن يتمّ الاستدلال بضميمة عدم الفصل فتأمّل.