فإن قيل باعتبار أصالة الصّحة من باب الظّن أيضا ـ حسبما هو ظاهر جماعة بل الأكثرين حيث استندوا فيها إلى ظهور حال المسلم ـ فلا إشكال في حكومتها على الاستصحاب أيضا ؛ لأنّ الحكومة ليست مختصّة بالأدلّة والأمارات بالنّسبة إلى الأصول ، بل قد يجري بالنّسبة إلى الأدلّة والأمارات بعضها مع بعض ، والأصول بعضها مع بعض ، ولذا نقول بحكومة البيّنة على أصالة الصّحة وإن كانت معتبرة من باب الظّن أيضا ، فأصالة الصّحة بالنسبة إلى الاستصحاب على القول باعتبارهما من باب الظّن كالبيّنة بالنّسبة إلى أصالة الصّحة على القول باعتبارهما ٢١٤ / ٣ من باب الظّن هذا. وستقف على تفصيل القول في ذلك في محلّه إن شاء الله.
وإن قيل باعتبار أصالة الصّحة من باب التّعبّد فربّما يشكل في حكومتها على الاستصحاب بل ربّما يتوهّم العكس لكن مقتضى النّظر الدّقيق حكومتها عليه في هذا الفرض أيضا ؛ لأنّ مقتضى سببيّة الشّك في مجرى الاستصحاب عن الشّك في مجرى القاعدة هو حكومتها على الاستصحاب وإن كان معتبرا من باب الظّن ؛ فإنّه إنّما يوجب الظّن بالفساد من جهة الشّك في وقوع الفعل جامعا للشّرائط ، فإذا قام ثمّة ما يقتضي باستجماعه للشّرائط فيقتضي رفع الشّك عن الصّحة والفساد الّذي هو مجرى أصالة الفساد هذا.
ثمّ إنّ ما ذكرنا إنّما هو في بيان تحقيق حكومة أصالة الصّحة على الاستصحاب على كلّ تقدير ، وإلّا فلا إشكال في إثبات تقديمها عليه على جميع التّقادير من جهة لزوم لغويّة أصالة الصّحة على تقدير عدمه كما هو واضح ؛ من حيث أخصّيتها من الاستصحاب وورودها في مورده.
وممّا ذكرنا كلّه يظهر : تسامح شيخنا ( دام ظلّه ) في تعبير عنوان المسألة بالورود على من له أدنى دراية.