الاستصحاب فلا وجه إذن للحكم بحكومة الأخبار النّاهية عن نقض اليقين بالشّك على أخبار القرعة ، فكلّ مورد حكم بجريان القرعة من جهة انجبار أخبارها بالعمل لا بدّ من الحكم بتعارضهما.
نعم ، أخبار القرعة لا يجري في أكثر موارد جريان الاستصحاب من جهة كون عموماتها من العمومات الموهونة بكثرة الخارج منها المحتاجة إلى الجبر بالعمل ، اللهمّ إلّا أن يرجّح أخبار الاستصحاب بورود أكثرها في الشّبهة الموضوعيّة ، فلا بدّ من العمل بها ؛ لعدم إمكان تخصيص المورد والتّفصيل يرفعه عدم الفصل في المسألة فتأمّل.
هذا كلّه فيما لو استند في اعتبار القرعة إلى الأخبار.
وأمّا لو استند فيه إلى الإجماع فلا إشكال في تقديم الاستصحاب عليه لا للتّعارض والتّرجيح ، بل من جهة عدم الدّليل على اعتبار القرعة في مقابل الاستصحاب على هذا التّقدير كما هو ظاهر.
فتبيّن ممّا ذكرنا كلّه : أنّ الاستصحاب يخالف سائر الأصول بالنّسبة إلى مقابلتها مع القرعة ؛ فإنّ القرعة واردة على جميعها إن كان اعتبارها من باب العقل ؛ ضرورة ارتفاع موضوعها وهو عدم البيان مطلقا واحتمال العقاب والتّحرير بواسطة قيام القرعة وحاكمة عليها إذا كان اعتبارها من باب الشّرع ، إلّا أنّ التّمسّك بالقرعة في مواردها أيضا يحتاج إلى جبر عموماتها بعمل الأصحاب من جهة تطرّق الوهن بكثرة التّخصيص فيها ، وإلّا فالمتعيّن العمل بالأصول لسلامتها عن الوارد أو الحاكم هذا ما يقتضيه النّظر الدّقيق.
ولكن قد يتوهّم : خلاف ما ذكرنا وأنّ القرعة مورودة أو محكومة بالنّسبة