أنّه بمنزلة المعمّم للنّهي الأوّل فيكون شارحا لقوله عليهالسلام : ( كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي ) ؛ فإنّ لسان الاستصحاب بقاء النّهي المتعلّق بالعصير بعد الغليان من حيث هو في حكم الشّارع وإن كان حكمه ببقائه ظاهريّا. ومنه ينقدح وجه الوجه الثّالث وكونه وجيها.
هذا كلّه في الاستصحاب الحكمي.
وأمّا الاستصحاب الموضوعي كاستصحاب عدم ذهاب الثّلثين فيما شكّ فيه فأمره من حيث حكومته على البراءة أظهر ؛ حيث إنّ المجعول في الاستصحابات الموضوعيّة على ما أسمعناك مرارا وإن كان هو الحكم الشّرعي أيضا ، إلّا أنّ المستصحب هو الموضوع الخارجي فالمشكوك ذهاب ثلثيه من العصير داخل بحكم (١) الشّارع فيما دلّ على حرمة العصير قبل ذهاب ثلثيه فيكون حاكما على أصالة البراءة المقتضية لحلّيّة المشكوك هذا.
ولكن قد يستشكل فيما ذكرنا : من وضوح حكومة الاستصحاب الموضوعي على أصالة البراءة كما في « الكتاب » بالنّظر إلى الأمثلة المذكورة في الموثقة : كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك وذلك مثل الثّوب عليك ولعلّه سرقه ) (٢) الحديث ؛ حيث إنّ ظاهرها كون الحلّيّة في الأمثلة المذكورة فيها مستندا إلى الكلّيّة المذكورة في صدرها ، مع أنّ فيها استصحابات موضوعيّة تقتضي حرمة التّصرف في الأمثلة كأصالة عدم التّملّك
__________________
(١) الكافي الشريف : ٥ / ٣١٣ باب النوادر ـ ح ٤٠ ، والتهذيب : ٧ / ٢٢٦ باب من الزيادات ـ ح ٩ ، عنهما الوسائل : ١٧ / ٨٩ باب « عدم جواز الإنفاق من كسب الحرام » ـ ح ٤.