وعدم تأثير الاختلاف في حكم المتعارضين ، إلّا من جهة واحدة جامعة لجميع صور الاختلاف والتّعارض أمر واضح لا سترة فيه أصلا ، كوضوح ما أفاده : من عدم تعقّل كون الشّك في كلّ منهما مسبّبا عن الشّك في الآخر ؛ ضرورة استحالة كون الشّيء علّة لشيء ومعلولا له.
وأمّا ما توهّم : من المثال له بالعامين من وجه ، فهو فاسد جدّا ؛ لأنّ الشّك فيهما بالنّسبة إلى مادّة الاجتماع والتّعارض مسبّب عن سبب العلم بعدم إرادة الظّاهرين كما هو ظاهر.
ثمّ إنّ أمثلة القسم الأوّل كثيرة : كاستصحاب كرّية الماء وإطلاقه بالنّسبة إلى استصحاب نجاسة المغسول به ، وحدث المكلّف واستصحاب طهارة المكلّف بالنّسبة إلى استصحاب اشتغال ذمّته بالصّلاة على القول بجريان استصحاب الشّغل ونحوهما ممّا يعتبر فيه الطّهارة ، واستصحاب نجاسة الملاقي بالنّسبة إلى استصحاب طهارة الملاقى ـ بالفتح ـ إلى غير ذلك ممّا لا يخفى. ٢٢٤ / ٣
ثمّ إنّ ما أفاده في حكم هذا القسم من لزوم العمل بالاستصحاب في الشّك السّببي وعدم الاعتناء بالاستصحاب في الشّك المسبّب لا لمكان التّرجيح ، بل لتقدّمه عليه ذاتا من جهة حكومته عليه ، وإن كان أمرا ظاهرا لا سترة فيه أصلا ـ وقد نفى الإشكال عنه جمع من محقّقي المتأخّرين ـ إلّا أنّه قد خالف فيه جمع من الأصحاب في جملة من كلماتهم وهم بين من يعامل معهما معاملة المتعارضين ـ كالمحقّق فيما تقدّم من كلامه عند الكلام في حجّية الاستصحاب وغيره كما ستقف عليه ـ ومن يعمل بهما في الجملة كالمحقّق القمّي قدسسره في بعض كلماته في « القوانين » ؛ حيث جمع بين استصحاب نجاسة الملاقي واستصحاب طهارة